البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Uuoou_10
البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Uuoou_10
البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
كنوز2000
.
.
كنوز2000


عدد المساهمات : 1276

الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Empty
مُساهمةموضوع: الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأحد أكتوبر 24, 2010 5:23 pm

الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )
حسن أبو مطير


* أنماط التفكير

الاستبداد لغة: هو غرور المرء بنفسه والأنفة عن قبول النصيحة والاستقلال بالرأي ومحاولة إلغاء الآخر. (الكواكبي)

و قياسا على ذلك يمكن أن نعرف ما بات يعرف اليوم بالاستبداد الفكري فنقول :
هو غرور المرء بأفكاره و أرائه و ظنه أن هذه الأفكار تحمل الحق المطلق
الذي لا يقبل نقاشا و لا جدالا , و أن ما عدا أفكاره يحتمل الخطاء بدرجة
كبيرة و لا يستحق الوجود.


و ظاهرة الاستبداد الفكري ظاهرة قديمة منذ أن خلق الله الخلق، و قد ذكرنا
أن الاختلاف سنة من السنن التي فطر الله الناس عليها، و قانون من قوانين
حركة الحياة و أن الأضطراب يحل بالمجتمع حينما نتصادم مع هذه القوانين و لا
نتساوق معها.

:: آفة الفكر المعاصر ::

الاستبداد الفكري هو آفة الفكر المعاصر حيث تجد أن صاحب أي أطروحة أو فكرة
يمجد فكرته و يتخذ لها من أسباب التفوق و النجاح ما يجعله يسفه الأفكار
الأخرى , و إن كانت تحمل من الصواب ما يفوق طرحه بمرات , و قد قال الفقهاء ”
لم يشتم رائحة الفقه من لم يعرف الأختلاف ” , و من هنا يمكن لنا أن نقول
في الفكر ” لم يشتم رائحة الفكر من لم يعرف الأختلاف” و ليس المقصود
الأختلاف من أجل الأختلاف أو تأكيد الذات لمجرد حب الظهور و لو كانت على
غير الحق , و لكن المقصود هو اختلاف الأراء و تنوعها بما يشير أن كل منها
يحمل الصواب بنسبة معينة , و قد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في تأكيد
هذا المعنى ” رأي صواب يحتمل الخطاء , و رأيٌ غيري خطاء يحتمل الصواب ” .

والاستبداد الفكري هو آفة العصر لانه السوسة التي تنخر في عضد أي حضارة,
فالبشرية في تاريخها لم تعرف داء أضر على هويتها وكينونتها من الاستبداد
والأمر أخص عندما يتعلق بالاستبداد الفكري كونه لا يستهدف الإنسان في ماله
أو قوته بل يستهدفه في عقله وتفكيره فيعمل على جعل جمجمته حجرة مستأجرة
لمسلمات ومقدسات تُؤخذ كما هي في غير ما نقد أو نقاش وما هي إلا شعوذات من
جهل وأساطير ما أنزل الله بها من سلطان أو اجتهادات بشر لها نصيب من الصحة
كما لها نصيب من الخطاء فليس هناك من يملك أن يقول أنه على الحق المطلق غير
رسول الله صلى الله عليه و سلم, و قد قال أهل العلم ” كل يؤخذ منه و يرد
إلا صاحب هذا المقام”في إشارة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم.

و الاستبداد الفكري له أثار تظهر في جوانب متعددة من الحياة حيث تظهر في
الاستبداد السياسي و المعرفي و الثقافي و الحضاري و الاجتماعي و الأخلاقي
…إلخ.
هذه كلها أثار لظاهرة الاستبداد الفكري الذي لا يقبل الرأي و الرأي الأخر,
ليس هذا فحسب بل يعمل على قمع كل ما يخالف رأيه و فكرته . و سنأتي بشيء من
التفصيل على خصائص المستبد فكريا في مقال لاحق لهذا المقال بحول الله و
طوله .

إن أهم نتائج الاستبداد الفكري أن يعمل على صناعة مجتمع إمعي مسُتغفل
مسُتخف به , و يحدثنا القرآن الكريم عن مثال لهذا المجتمع حين يحكي قصة قوم
فرعون (فاستخف قومه فأطاعوه ) الزخرف: ٥٤ . و كان لهذا الأستبداد الذي
قاده فرعون أثر سيء على جميع المجتمع.

إن وجود ظاهرة الاستبداد الفكري في مجتمع ما تُنبى عن أمرين خطيرين الأول :
وجود من يتسلط بفكره و رايه و يستغل نفوذه و جاهه لبسط ما يرى بغض النظر
أهي صحيحة أم لا , و الثاني : وجود مجتمع قَبِل أفراده أن يتحكم غيرهم بهم و
أن يسيرهم و يوجهم كيفما شاء و يحجر على طاقاتهم الفكرية و يكبت حريتهم
الفكرية و التي لا تحدها حدود.

و مجتمع كهذا لا تتوفر فيه الأرضية الخصبة لقيام نهضة مهما عمل من أعمال
لانها في النهاية ستكون أسيرة لرؤية و احدة و فكرة واحدة و رأي واحد , و
هذه الفكرة أو الرؤية لم تأخذ نصيبها من التمحيص و الغربلة و الإختبار في
عقول الناس فهي إذن نظرة قاصرة مهما كانت عظيمة في عين صاحبها !.

و لعل لنا في قصص الأنبياء مع قومهم حين دعوهم في أول أمرهم إلى التوحيد
مثالا على الاستبداد الفكري , حيث قام صناديد الكفر و الشرك بمجابهة هذه
الدعوة لانها ستعمل على إزالة جبروتهم و سطوتهم على رقاب الناس و عقولهم و
هذا ما لا يرضون به من أجل ذلك كان لابد من محاربة دعوة الأنبياء و كل من
يقف معها .

::كيف ينشأ الاستبداد الفكري؟::

إن المشاهد التارخية تبرهن لنا على أن الاستبداد الفكري هو المتلازمة
المرتبطة بأي حراك فكري جديد ولكن في الاتجاه المعاكس تخف حدته أو تشتد
بحسب قوة العوامل السابقة.

ينشأ الاستبداد الفكري في ظل سلطة جاهلة مستبدة سر ديمومتها وكيانها في ضعف
تعليمها وسذاجة نقاشات واهتمامات أجيالها ولذا فإن الديكتاتورية أو سياسة
الإكراه ترتبط أول ما ترتبط بتكميم أفواه مفكريها وكثرتهم في المنافي
والمعتقلات والمقابر الجماعية بالطبع.

الاستبداد الفكري ينشأ حينما يتحول العمل الثقافي إلى مشروع رياء كبير يرفض
أن تكون الثقافة معبرة عن واقع مجتمعها وصورته الحقيقية وإنما تظل دائرة
في فلك المثاليات والمفترضات فتكون السلطة هنا منافقة حاذقة تعمل على تنقية
الأفكار فتختار منها ما وافق الصورة الأفلاطونية المتوهمة وتغتال أي
محاولة لنقاش واقع المجتمع وأمراضه لأنها بنظرهم تهديد لقيم المجتمع وثوابت
الدين وتتحول معها الثقافة إلى طلاسم و شعوذات يرفض أن يتعاطاها عاقل
لأنها لا تعبر عنه و إنما تعبر عن مثاليات يعجز عن الوصل إليها.

ينشأ الاستبداد الفكري حينما نتعامل مع ثقافة ترفض الأخر أو تقبله بشكل
مطلق دون أخذ النافع منه و ترك غير النافع وفقا لما جاء في هدي النبي صلى
الله عليه و سلم (الحكمة ضالة المؤمن أنى و جدها فهو أحق الناس بها ). من
الطبيعي أن نرفض في هذه الحالة أن نتعامل مع هذا الثقافة الانتقائية لأننا
نعيش الوجع ولن نصدق ألف طبيب يقسم لنا بأنا أصحاء.

ينشأ الاستبداد الفكري حين تتغلغل الخرافة والأسطورة في جسد مجتمع ما وتصبح
عقيدة متمكنة من نفوس تابعيها وأي محاولة للخلاص منها أشبه ما تكون بعملية
إستشهادية . ولا غرو حين يأتي النبي يوم القيامة ومعه الرهط والنبي ومعه
الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد في دلالة واضحة على الأثر المدمر
للاستبداد حين يقترن بفكرة أو معتقد ويصبح دستورا وعقيدة أضف إلى ذلك حين
تنشأ في مجتمع منغلق وتتراكم مع مرور الزمن في الأذهان أساطيرالأولين.
و للحديث صلة ….




عدل سابقا من قبل كنوز2000 في الأربعاء ديسمبر 29, 2010 10:53 pm عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الاستاذ ابراهيم
.
.
الاستاذ ابراهيم


ذكر
عدد المساهمات : 3855
تاريخ الميلاد : 16/11/1967
العمر : 56

الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالإثنين أكتوبر 25, 2010 9:18 am

مشكورة اختى
بارك الله فيك
الله يعطيك العافية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كنوز2000
.
.
كنوز2000


عدد المساهمات : 1276

الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 13, 2010 11:33 am

تحدثت في المقال السابق عن تعريف الأستبداد الفكري و متى ينشأ و أثره على المجتمع , و في هذا المقال أتابع البحث حول نفس الموضوع و لكن من زوايا مختلفة.
::بين الحرية الفكرية و الأستبداد الفكري ::
جاء الإسلام ليرفض الأستبداد بكل أشكاله فالإسلام هو دين الحرية بكل أشكالها – و قد جعل لهذه الحرية ضوابط تسقيم بها حياة كل الناس – و لعل أوجز كلمة تبرهن على هذه الحقيقة ما جاء في كتاب الله سبحانه و تعالى(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) البقرة: ٢٥٦ , ذلك أن الإسلام جاء لينير العقول و يحررها من الظلمات إلى النور , و يريد الأستبداد أن يطمس هذا النور و أن يخيم الظلام في العقول.
فإذا كان أمر الدين و الذي سيترتب عليه الخلود في جنة – نسأل الله أن يرزقنا أياها – أو نار-نعوذ بالله منها- لا إكراه فيه , و قد تُرك هذا الأمر لإختيار الناس(و هدينه النجدين ) البلد: ١٠ فمن باب أولى أن لا يكون الإكراه فيما سواه من أمور ما لم يتعدى الحرية الفكرية للأخرين.
إن أخطر ما في ظاهرة الأستبداد هي أننا لا نرى الأشياء على حقيقتها و بالتالي فإننا لا نعطيها حقها الحقيقي , ولكن نرى الأشياء بعيون غيرنا, فالقول ما قالوا , و الحكم ما حكموا , و الفهم ما فهموا و الرأي في النهاية رأيهم.
و لم يربي الإسلام أجياله على الأستبداد بل رباهم على الحرية و علمهم القوة في الحق و علمهم أداب الأختلاف و أداب المحاورة حين يختلف الرأي , و هذا يتجلى في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم عندما جاءه من يقول يا رسول الله : إني أصوم ولا أفطر , و قال الأخر إني لا أتزوج النساء و قال ثالثهم إني أقوم و لا أنام , فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم في أدب المعلم و حكمة المربي : أما أنا فأصوم و أفطر, و أتزوج النساء ,و أقوم و أنام , فمن رغب عن سنتي فليس مني, فهو يعلم أنهم ما فعلوا ذلك إلا طمعا في الأجر فأرشدهم صلى الله عليه و سلم إلى الطريق الصحيح في تحصيل الأجر دون أن يُعنفهم.
و من مظاهر الحرية التي شرعها الإسلام و التي ترفض الأستبداد الفكري هو الأمر بالمعروف ” بمعروف ” و النهي عن المنكر ” بمعروف” , و قد قال عمر بن الخطاب ” من رأى منكم في إعوجاجا فليقومني “.
و من مظاهر الحرية التي تنافي الأستبداد السمع و الطاعة فيما لا معصية فيه , و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم : ” السمع و الطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب و كره مالم يؤمر بمعصية , فإذا أُمر بمعصية فلا سمع و لا طاعة ” متفق عليه.
إن الإسلام نظام يقوم على الطاعة المبصرة الواعية الناصحة بينما يقوم الأستبداد الفكري على الطاعة العمياء التي لا تبصر و لا تنصح و تنفذ مكرهة أو غير مكرهة.
::خصائص المستبد فكريا ::
و المستبد فكريا هو إنسان صاحب رؤية مشوهة قاصرة, و يمكن أن تظهر خصائص الشخص المستبد فكريا بعدة أمور:
1- التكبر: يشعر المستبد فكريا أنه من يملك حق التفكير دون سواه , و أنه ليس من حق أي شخص أخر أن يفكر مهما بلغ من العلم و الحلم و الحكمة, و ينظر إلى من حوله على أنهم هم الذين ينبغي عليهم السعي وراء تنفيذ أفكاره دون إبدأ الرأي أو أي وجهة نظر قد تكون مخالفة لفكرته أو تضيف لها بعض المُكمِلات.
2- الأستخفاف: أيضا يستخف و يُحقر أي فكرة مهما كانت صحيحة , فعين المُستَبدِ عين عمياء لا تُبصر بعين الحق و إنما تُبصر بعين الهوى و ما تمليه النفس , و يزيد استخفاف المُستَبد كلما زاد استعظام من حوله له و استحقارهم لذواتهم.
3- الجبروت و العناد: فهو لا يقبل المناقشة و يرفض الرأي الأخر , و يعتقد إعتقادا جازما بصحة ما ذهب إليه , و هو على إستعداد تام لأن يُلحق الأذى و الضرر بمن يقابله بفكرة مضادة أو مُكَمِلةً لفكرته بأشكال قد تختلف مع مكانة المُستَبد فكريا.
4- الفسق: لا يتورع المستبد فكريا أن يقوم بأي عمل غير لائق لإثبات صحة ما ذهب إليه كأن يكذب أو يُزور أو يُحرض … إلخ.
5- الفساد: بعد ما ذكرنا من خصائص المستبد فكريا , فإن أرضية المستبد فكريا تصبح أرضا خصبةً لتفسد و تتعدى الحدود المشروعة من أجل أن يثبت أن فكرته مازالات فكرة صحيحة.
6- الضلال: و هو النتيجة الحتمية للفكر الشخصاني ذو البعد الفردي الذي لا يرى إلا في حدوده ضيقة, فالمستبد فكريا هو في الحقيقة جاهل جهلا مركبا حيث أنه مخطئ , و أنه يظن نفسه على الصواب وهو في الحقيقة مجانب للصواب.
7- الضعف : وفوق كل ما سبق فهو إنسان ضعيف يفتقد لكثير من المهارات و يعاني من كثير من المشكلات ما يجعله غير قادرٍ على أن يُظهر ما في فكرته من مواطن قوة , و أن يعترف بمواطن الضعف أو القصور فيعمل على ترميمها بنفسه أو يطلب المساعدة ممن هم أكثر منه خبرة و علما.
8- و هذه هي الخصائص البارزة و يلحق بها أيضا أمراض فتاكة مثل مرض العُجب , و الأنانية , و الحسد , و البغض , و الكُرُه , و حب الأنتقام… إلخ
إن وجود صفة من هذه الصفات في شخص ما كفيل أن يجره إلى باقي الصفات بالتتابع فيقع في دائرة المستبدين فكريا, و في قراءة لصفحات التاريخ نجد أمثلة كثيرة للمستبدين فكريا تجمعهم هذه الصفات و يجمعهم المآل , فهي صفات متلازمة مترابطة تطلب كل واحدة منها الأخرى حتى تجتمع.
لذلك فإنه من الواجب أن نحترم الرأي الأخر و أن نعمل على مقارعة الحُجة بالحُجة في حدود أداب الأختلاف , و أن نفهم قانون الأختلاف البشري حتى لا نقع شراك الأستبداد الفكري.
و مازال للحديث صلة…
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كنوز2000
.
.
كنوز2000


عدد المساهمات : 1276

الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:05 am

تتكون
أي أمة من الأمم من ثلاثة عناصر أساسية: العنصر الأول هو الأفكار وهي
التي تتمثل في العقيدة و القيم والأخلاق و المبادئ, والعنصر الثاني هو
الأشخاص قادة و محكومين, والعنصر الثالث هو الأشياء والتي تتمثل في الأموال
والزينة , و هذه العناصر الثلاث تمثل معيارا دقيقا نستطيع من خلاله الحكم
على حالة أي أمة, فمتى ما دار الأشخاص والأشياء في فلك الأفكار الصحيحة
كانت الأمة حيةً في أوج صحتها و عافيتها, و متى ما دارت الأفكار والأشياء
في فلك الأشخاص شاع المرض واستشرى الفساد والاستبداد في الأمة, ومتى ما دار
الأشخاص والأفكار في فلك الأشياء انحدرت الأمة نحو الهاوية وصولا إلى حالة
الوفاة والموت المحقق , و هذه العناصر الثلاث في حركة دائمة مستمرة.


و ليس أصدق من التاريخ في تصديق حركة الأمم و تدافعها و دورانها حول هذه العناصر الثلاث , و الواقع يشهد لهذه الحركة و يصدقها.

و
لا شك أن التاريخ يُعد مصدرا مهماً لفهم الواقع, و لا شك أن التاريخ سيظل
مدرسةً كبيرةً مفتوحة الأبواب لكل من أراد أن ينطلق لإحداث تغييرٍ إيجابيٍ
واعٍ في المجتمع, وبدون الولوج إلى مدرسة التاريخ فإن حلقةً عظيمةً من
حلقات فهم الواقع ستكون مفقودة, و مالم نحسن قراءة التاريخ قراءة متبصرة ,
والاستفادة من تجارب السابقين فإن كثيرا من جهود الإصلاح ستبوء بالفشل.


و
لا أريد أن يتبادر إلى الأذهان أن هناك إصلاحا سهلا و أخر صعبا , فطبيعة
الإصلاح الفطرية "صعبة" و هي غالبا مما لا تقبله النفس البشرية بسهولة بل
وتعمل على مقاومته في بعض الأحيان, فالنفس البشرية تسعى دوما نحو الرفاهية و
الدعة والراحة, تماما كحال المريض الذي يتمنع عن تقبل الدواء المُرِ من
أجل أن يكون سببا في شفائه من مرضه بسبب أن نفسه لا تقبل بمرارة الدواء, و
لكن الذي سأشير إليه في هذه الكلمات هو ما يمكن أن يزيد عملية الإصلاح
صعوبةً إلى صعوبتها الفطرية.


و سأحاول أن أورد في نقاط محددة ما يزيد عملية الإصلاح صعوبةً :

1- طغيان
المجاملة , و المدح الزائد, و تمجيد الذات على النصح و التوجيه و الإرشاد ,
مما يسبب غفلة عظيمة عن الحالة الصحية التي ينبغي أن يكون عليها المجتمع.


2- شيوع الروح السلبية و التبعية الفكرية للاشخاص , و عدم المقدرة على طرح تنوع فكري, و مقابلة الرأي بالرأي والحجة بالحجة .

3- حب
التفرد و الظهور ونزعة الـ"أنا الأعلى" عند بعض المنتسبين للعمل الإصلاحي,
و هذا يتمثل في كثير من الأحيان عند حصول أي نوعٍ من اختلافٍ في وجهاتِ
النظرِ بين أفراد العمل الواحد, مما يجعل بعضهم يفكر في الإنفصال و إقامةِ
عملٍ أو مشروعٍ إصلاحي مستقلٍ بذاته معتمدا على ما لديه من خبرة و كفاءة
وعلاقات.


4- كثرة
التنظيرات و تقديم الكلمات على الأفعال, بحيث تُظهر الكلمات بهرجاً
للأفكار و بريقاً دون أن تجد من يطبقها على أرض الواقع إما خوفاً من الفشل
أو عدم وجود رغبة كافية للتضحية بشيءٍ يسييرٍ من المال في سبيل تطبيقها,
مما يجعل البعض يظن أن هذه الفكرة هي مجرد خدعة.


5-
البداية من نقطة الصفر في كل عمل إصلاحي جديد , فكثيرا من العمل الإصلاحي
لم - لا - يُحسن الأستفادة من تجارب السابقين بما يتناسب مع واقعه.


6- تكوين
قاعدة العمل الأولى على أساس هش يفتح المجال لكل المندفعين للمشاركة في
عملية الإصلاح دون أن يكون لهم القدرة الروحية والأخلاقية و الجسدية على
تحمل أعباء المشاركة في عملية الإصلاح.


7- شيخوخة الفكر وعدم قدرة رواد الإصلاح - الأشخاص - على الأستجابة لمتطلبات الواقع وتغيراته الكثيرة و المتسارعة.

8- كثرة
المنتقدين لمسيرة العمل الإصلاحي دون المساهمة الحقيقة في توجيه انتقاد
يدفع نحو العمل الصحيح , فإنه من السهل على أي شخص يوجه انتقادا لاذعاً و
لكن من الصعب جدا أن يتحرك نحو العمل .


هذه
هي بعض النقاط التي يمكن أن تزيد الصعوبة في عملية الإصلاح, و أنا أجزم
أن هناك أمورا أخرى كثيرة تتسع مع اتساع العمل و تطوراته , وإن واحدا من
هذه النقاط من شأنه أن يؤخر مسيرة الإصلاح فكيف إذا اجتمعت!


و لعلي أسوق بعض النصائح التي تخفف من وطأة ما سبق على العمل الإصلاحي:

1- يجب
على كل من أراد أن ينخرط في أي عمل إصلاحي أن يتأكد من إخلاص نيته في كل
وقت و أن يكون بشكل مستمر في حالة اتهام لنيته خوفا من الوقوع في ما يفسد
نيته لان (كل ما لا يريد به وجه الله يضمحل).


2- أن
يبادر و يتقدم من يجد في نفسه القدرة والكفاءة على تحمل المسؤولية , و أن
يكون في مقدمة صفوف العمل الإصلاحي وأن يساهم في تشكيل قاعدة صلبة تقوم على
النصح والتوجيه و المشاورة بدلا من المجاملات و المدح المُطغي للأشخاص و
الاستداد بالرأي, و لأن تخلفهم من شأنه أن يفسح الطريق لمن هم أقل كفاءة و
قدرة وفي هذا خطر عظيم.


3- يغفل
كثيرٌ من الأشخاص الذين يكون لهم مقومات قيادية عن حقيقة مهمة ألا و هي "
أن الكفر المنظم لا يقابل إلا بإسلام منظم ", و ربما قد يفلح البعض منهم
في إقامة عمل إصلاحي منفرد تحقيا لذاته و تطلعاته الشخصية , وقد ينجح في
بعض الأحيان, و لكن ما لا يدركه هؤلاء الأشخاص أن ما يضيفه هذا العمل في
مواجهة الكفر المنظم سيظل ضعيف التأثير وهو لا يرقى لمستوى المواجهة, لذلك
فإن الجماعة رحمة و مفارقتها شقاء و عناء (إنما يأكل الذئب من الغنم
القاصية).


4-
التأسيس الصامت و تجميع الثقات والعمل بمهنجية تحترم التنوع, و تعمل كثير
أو تتكلم قليلا من أجل أن لا تكون الأفكار محل اتهام السذج من وراء كثرة
التنظيرات و قلة العمل.


5- قراءة الإرث التاريخي للأمم قراءة متبصر تُحسن اقتناص المفيد وتعمل على التجديد المستمر بما يناسب كل مرحلة.


هذه
بعض نصائح تركزت في مجملها على الأشخاص لانهم هم من يحدد من يدور في فلك
من, فالأفكار وحدها لا تبني أمةً قوية مالم يتحرك الأشخاص و يسخروا ما
لديهم من أشياء في سبيل الأفكار و يدوروا في فلكها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قوة التغيير
» سلسلة ماهو أجر
» سلسلة هذا ما ترك الرجال
» سلسلة احاديث ( ليس منا )
» سلسلة هذا ما ترك الرجال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر :: علوم وثقافة :: التنمية البشرية-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت حجة الوداع
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأحد يناير 31, 2016 4:20 pm من طرف fatiha

»  امتحانان تجريبيان لغة + رياضيات+ فرنسية مع التصحيح س 5
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالسبت مارس 28, 2015 3:42 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ عبد الرزاق زروقي حول الدوال العددية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 10:20 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ بك علي حول الهندسة الفضائية للسنة الثالثة ثانوي بكالوري
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 10:18 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ حول الدوال الأسية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:58 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ بك علي حول الدوال للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:56 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» تمارين من إعداد الأستاذ بك علي حول الأعداد المركبة والتحويلات النقطية ثالثة ثانوي
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:54 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» تمارين تطبيقية رائعة حول الدالة الأسية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:52 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» 28تمرين و 14 مسائل في الدالة االوغاريتمية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:50 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» مطويات كليك ملخصة لدروس الرياضيات للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:47 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» 18تمرين و 10 مسائل في الدالة الأسية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:44 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ عبد الرزاق زروقي حول دراسة خصائص المنحنيات
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:41 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» الوحدة3:فعل الأرض على جملة ميكانيكية
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأحد مارس 08, 2015 4:23 pm من طرف fatiha

» حلول تمارين الكتاب المدرسي رياضيات أولى ثانوي علوم + آداب
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالجمعة مارس 06, 2015 1:05 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» إجابة العمل المخبري2:قياس قيم أفعال مختلغة
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالسبت فبراير 28, 2015 3:32 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» اين انتم ياااااااااساتذة؟؟؟
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالسبت فبراير 28, 2015 3:30 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» عمل مخبري2:قياس قيم أثقال مختلفة
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالسبت فبراير 28, 2015 3:29 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» الدارة الكهربائية
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالإثنين فبراير 09, 2015 3:49 pm من طرف fatiha

» التوتر والتيار الكهربائيان المتناوبان
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالأربعاء يناير 28, 2015 7:31 pm من طرف fatiha

» الاختبار الثاني في مادة التربية الإسلامية
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Icon_minitimeالثلاثاء يناير 27, 2015 3:56 pm من طرف لحن الامل

لايك وفلاو
الاستبداد الفكري ( سلسلة التغيير الواعي 1 )    Fb110
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر على موقع حفض الصفحات
سحابة الكلمات الدلالية
لدروس الرابعة مقترحة للسنة والجغرافيا المدنية ملخصات مواضيع متوسط التاريخ والتربية شاملة