سبحان الله و بحمدهعدد خلقه .. و رضى نفسه .. و زنة عرشه .. و مداد كلماتهسبحان الله وبحمده ... سبحان الله العظيمقال رسول الله صلى الله عليه و سلم (بلغوا عني و لو آية) ... رواه البخاري
السلام عليكم و رحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم
ما جاء في رؤية الرب تبارك و تعالى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)قَالَ إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ نَادَى مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا قَالُوا أَلَمْ يُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ وَ يُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ قَالُوا بَلَى قَالَ فَيَنْكَشِفُ الْحِجَابُ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَيْهِ
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ إِنَّمَا أَسْنَدَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَرَفَعَهُ وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَوْلَهُ
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا } )
أَيْ الَّذِينَ أَجَادُوا الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ فِي الدُّنْيَا وَقَرَّبُوهَا بِالْإِخْلَاصِ
( { الْحُسْنَى } ) أَيْ الْمَثُوبَةُ الْحُسْنَى وَهِيَ الْجَنَّةُ
( { وَزِيَادَةٌ } ) أَيْ النَّظَرُ لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ , وَنَكَّرَهَا لِتُفِيدَ ضَرْبًا مِنْ التَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهَا وَلَا يُكْتَنَهُ كُنْهُهَا
( نَادَى مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا )
أَيْ بَقِيَ شَيْءٌ زَائِدٌ مِمَّا وَعَدَهُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ النِّعَمِ , وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ
( وَيُنَجِّنَا ) بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَيُخَفَّفُ
( مِنْ النَّارِ ) أَيْ دُخُولِهَا وَخُلُودِهَا . قَالَ الطِّيبِيُّ : تَقْرِيرٌ وَتَعْجِيبٌ مِنْ أَنَّهُ كَيْفَ يُمْكِنُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا أَعْطَاهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سَعَةِ فَضْلِهِ وَكَرْمِهِ
( قَالُوا بَلَى ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ قَالُوا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ قَالَ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إِلَى مُنَادٍ
( فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ )
وَزَادَ مُسْلِمٌ : فَيَنْظُرُونَ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ , وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِجَابِ حِجَابُ النُّورِ الَّذِي وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ : حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا اِنْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ قَالَ الطِّيبِيُّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى هَذَا : إِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ حِجَابَهُ خِلَافُ الْحُجُبِ الْمَعْهُودَةِ فَهُوَ مُحْتَجِبٌ عَنْ الْخَلْقِ بِأَنْوَارِ عِزِّهِ وَجَلَالِهِ وَأَشِعَّةِ عَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ , وَذَلِك هُوَ الْحِجَابُ الَّذِي تُدْهَشُ دُونَهُ الْعُقُولُ وَتُبْهَتُ الْأَبْصَارُ وَتَتَحَيَّرُ الْبَصَائِرُ فَلَوْ كَشَفَهُ فَتَجَلَّى لِمَا وَرَاءَهُ بِحَقَائِقِ الصِّفَاتِ وَعَظَمَةِ الذَّاتِ لَمْ يَبْقَ مَخْلُوقٌ إِلَّا اِحْتَرَقَ وَلَا مَنْظُورٌ إِلَّا اِضْمَحَلَّ . وَأَصْلُ الْحِجَابِ السِّتْرُ الْحَائِلُ بَيْنَ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْعُ الْأَبْصَارِ مِنْ الرُّؤْيَةِ لَهُ بِمَا ذُكِرَ فَقَامَ ذَلِكَ الْمَنْعُ مَقَامَ السِّتْرِ الْحَائِلِ فَعَبَّرَ بِهِ عَنْهُ , وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ الْحَالَةَ الْمُشَارَ إِلَيْهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ فِي دَارِ الدُّنْيَا الْمُعَدَّةِ لِلْفِنَاءِ دُونَ دَارِ الْآخِرَةِ الْمُعَدَّةِ لِلْبَقَاءِ . وَالْحِجَابُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ يَرْجِعُ إِلَى الْخَلْقِ لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمَحْجُوبُونَ عَنْهُ . وَحَدِيثُ صُهَيْبٍ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ إِنَّمَا أَسْنَدَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَرَفَعَهُ إِلَخْ ) قَالَ النَّوَوِيُّ : هَذَا الْحَدِيثُ هَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ اِبْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَغَيْرُهُمَا : لَمْ يَرْوِهِ هَكَذَا مَرْفُوعًا عَنْ ثَابِتٍ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ اِبْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا ذِكْرُ صُهَيْبٍ , وَهَذَا الَّذِي قَالَ هَؤُلَاءِ لَيْسَ بِقَادِحِ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ فَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْفُصُولِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَصَحَّحَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا رَوَاهُ بَعْضُ الثِّقَاتِ مُتَّصِلًا وَبَعْضُهُمْ مُرْسَلًا وَبَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا وَبَعْضُهُمْ مَوْقُوفًا حُكِمَ بِالْمُتَّصِلِ وَبِالْمَرْفُوعِ لِأَنَّهُمَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ , وَهِيَ مَقْبُولَةٌ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ مِنْ كُلِّ الطَّوَائِفِ , اِنْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ .
وصلى اللهم وسلم على محمد واله وصحبه اجمعين
لا تنسونا من صالح دعأكم