¦♥¦█◄الإعـــــــــلام وتــرويض ألــدماغ ►█¦♥¦

. عدد المساهمات : 764

تمهيـــــــــــد

لا غرو إذا ما ذكرنا أنه لا يوجد فرد واحد على الأقل في أسرة من وطننا العربي الكبير إلا واتصل بالإعلام عبر وسائله المختلفة عبر القراءة أو الاستماع والمشاهدة بغض النظر عن نوعية ذلك الإتصال بحيث استقبل المادة الملقاة عليه ، وردة الفعل لقاء تأثير تلك المادة تختلف من شخص لآخر وبحسب المستوى الثقافي والعلمي للشخص زائدة سهولة أو وضوح الطريقة التي عبرها تم طرح المادة إعلامياً .. وغالباً ما يجذب المتلقى ( قارئاً كان أم مستمعاً أم مشاهداً ) العنوان الذي يتصدر عرض المادة ، فإن وزنته وحللته الحالة الحسية لدى الفرد بحيث صُنـّف لدى المرغوبات والمحببات لديه ، فإنه يسارع لتفريغ نفسه لتلقي تلك المادة والتركيز عليها بكامل حواسه خشية ً لا يفقد شيئاً منها أثناء الطرح ، وحالما ينتهي من تلقيها ومن ثم استيعابها فهضمها تراه قد دخل في دوامة من السعادة والنشوة والسرور .. مركز الخزن المعلوماتي في المخ حفظها تماماً وهكذا مع توالي استقبال هذا المخ لمواد أخرى مشابهة ومرادفة للأولى لتتراكم ومن ثم تتحول بشكل لا شعوري إلى معتقد وإيمان مطلق بها لدرجة أن هذا الشخص على استعداد تام للتنازل عن الكثير من الأمور التي كانت بمثابة الأوليات في حياته ، لا بل يتنازل عن أصدقاءه وأقاربه وحتى أقرب افراد اسرته فيما لو خالفوه الرؤى وهنا لا مناص بوصوله إلى حالة الاشباع التام بحيث من المستعصي بمكان إعادته للحالة التي كان عليها قبل تلقيه أول ( كبسولة ) من هذه المادة .. هذه العملية أحبتي الأكارم هي ما تم تسميتها بمصطلح علمي هو ( غسيل الدماغ ) ، ولكني شخصياً قد لا أتفق مع هذا المفهوم لكون غسيل الدماغ يدخل مسالك ودهاليز تختلف تماماً عما يجري من طرح مسموم في وسائل الإعلام المختلفة .. وعليه أسميتها بـ ( ترويض الدماغ ) .

الفرق بين غسيل الدماغ وترويضه

*غسيل الدماغ: تصف ( الموسوعة البريطانية ) عملية ( غسيل الدماغ ) بأنها تقنية ترتكز على مجموعة مركبة من المؤثرات النفسية تستخدم على المستوى الفردي ، وتسمى علمياً (التفكيك النفسي) . وتعتمد أساساً على إنهاك القوى النفسية والعقلية للشخص ، عبر عمليات تتضمن الحرمان من النوم والعزل عن المؤثرات الحسيّة التي تساعد الإنسان طبيعياً على مراقبة مرور الزمن (مثل شروق الشمس وغروبها) وتمييز الأشخاص والأمكنة والهويات وغيرها . ولعل الصور المأثورة عن عمليات التعذيب في الحرب العالمية الثانية ، وخصوصاً أثناء الحرب الباردة التي تلتها ، تشير الى المستوى المطلوب من الإنهاك . ففي تلك الصور ، هناك الحبس الانفرادي في غرف معزولة عن العالم الخارجي ، فلا تصلها الشمس ولا الأصوات ولا الروائح وغيرها . وهناك أيضاً الصور الشهيرة للتعذيب بنقاط الماء المتساقطة ببطئ وثبات من صنبور على رأس المسجون ، بحيث تختل علاقته مع أحاسيسه ، إذ يصبح لقطرة الماء إيقاع مطرقة ثقيلة . وبعد الضياع الحسي ، تأتي عمليات الإقناع والإرغام والتلاعب بالأفكار والخيال والذكريات وغيرها وباستعارة من عالم الكومبيوتر ، ولو أنها غير دقيقة ، يشبه الأمر (إعادة برمجة) لدماغ المرء ، بحيث تنتفي قدرته على التفكير الذاتي المستقل ، وخصوصاً قدرته على الحكم على ما يصل إليه من أفكار ونقدها ، فيصبح متلقياً سلبياً بصورة كلية ، فتُملى عليه أفكار وتصورات بحسب ارادة من يتولى غسل دماغه .

*ترويض الدماغ:

لو تابعنا الحيوانات المستخدمة في العروض ( السيركية ) وحركتها التي تثير العجب والاستغراب لدرجة أنك تتصور أنها عبارة عن جلد لذلك الحيون يرتديه بشر .. ولكنها الحقيقة ، كيف استطاع الفيل مثلاً أن يقف على رأسه وهو بهذا الثقل؟ أو كيف تعلم الكلب السير على حبل بقدمين دون أن يقع ، أو تلك الفقمة التي ترقص مع مروضها رقصة ( الفالس )؟ حتما هنالك برنامج علمي يستخدم في ذلك مبني على مبدأ ( الثواب والعقاب ) أو لنسميها بمصطلح آخر ( الحث والتأثير ) .. فلكي يُروّض حيوان ما على حركة معينة يؤديها يتم استخدام الألم في ذلك كالسوط واللجام حتى يتم تعلمها ثم يتم مكافأته بوجبة معينة من الطعام .. وهكذا يبدأ بشعور ذلك الحيوان بأنه لو أدى تلك الحالة سوف لن يضرب وإنما يكافأ فيؤديها كما يطلب المروض بدقة تفادياً لأي خطأ يقع به حيث سيكون العقاب بانتظاره وسيحرم من المكافأة .. فتصبح لديه مثل العادة .. هنا تتحول هذه العادة إلى حاجة فهو على استعداد لتعلم حركات أخرى جديدة مهما كانت صعوبتها وخطورتها لقاء هذه الحالتين ( تفادي العقاب والظفر بالثواب ) .. وهناك حيوانات أخرى لا ينفع معها العقاب ولكنها تستجيب فقط للثواب مثل الدولفين فهو يؤدي الحركة كما يشتهي مدربه لقاء سمكة دسمة يتلقفها فمه حال تنفيذها بنجاح ..

إذن نستنتج أن الفراغ الذهني لدى الحيوان ( عدم معرفته للحركة ) مع وجود مبدأي العقاب والثواب تؤثران على خلايا مخه لتتحول إلى طبع مكتسب لا يمكن الاخلال به ..

وعليه فإن الإنسان مع جُلّ احترامي له يمتلك حالة مشابهة فهو يسعى لإشباع غريزته أحيانا بلا عقاب لذا تراه يتلقف المادة من قبل وسائل الاعلام وبالذات فيما لو تم تغليفها بمغلفات براقة تمس حالة الشعور والتربية التي تربى عليها ، والجهة التي توصلها إليه .. ساعتها يتلقفها دماغة بكل رسوخ غير مشكك بمصداقيتها وتتوالى الحالة بعد أن يدمن هذا الفرد عليها لتصبح حالة من ذلك الترويض .

وهكذا نرى الفرق جلياً بين غسيل المخ وترويضه .

ترويض الدماغ البشري

مما سبق نتوصل إلى أن الدماغ البشري الغض( قليل الخبرة ، وعديم الثقافة ) على أتم الاستعداد لتلقف أي فكرة جديدة دون تمحيص مادام هذه الفكرة تشعره بلذة حسية وراحة تشبع العديد من غرائز جسده وبالأخص في حال عرضها بيسر وسهولة ووفق الأمور التي لا توحي لهذا المخدوع البشري أنها تسعى لترويض دماغه ومن ثم السيطرة على أفكاره وتسييره حسبما تشتهي هي لا هو .. وكما هو حال وضعنا العربي المتوتر والغير مستقر البتة بسبب العقدة الاستعمارية المتولدة في نوازع نفسه منذ آخر ساعة التي غادر بها آخر جندي محتل للآراضي العربية المحتلة ( عدا فلسطيننا الحبيبة ، وحالياً بعض الدول العربية التي تدنسها جزمة المحتل تحت مسميات جوفاء ) أقول أن هذه العقدة بقيت في داخله لأنه لم يحقق كامل أطماعه بالأستغلال الكامل للخيرات والثروات العربية ، وكونه يؤمن أن الشباب هو قوة كامنة يمكن أن تسخر في التصدي لتلك الأطماع لو أعاد الكرة وبأساليب أخرى دنيئة كان قد استخدمها ولم تنجحه وهكذا ترونه قد سعى لكي تكون هذه الشريحة من المجتمع ومن الجنسين في أن تكون هدفه للسيطرة على عقولها وتسطيح افكارها وتهميش قدراتها التفسيرية واخضاعها لسيطرته عن طريق سلاح مدمر فتاك غزى أجوائنا بأيدينا تحت غطاء التطور والتحضر .. ( أنا لا ولن أقف ضد الوسائل العلمية فيما لو تم تسخيرها لصالح بناء المجتمع لا تهديمه ) لذا فقد كان الاعلام ووسائله هي الأسلحة التي وجهها المستعمر لعقول شبابنا من أجل تهيئتها لخدمة مآربه مستقبلاً ومن ثم عزله عن أي حالة رفض قد تحدث في المستقبل .. وبحسب تلك التصورات ، فإن المصطلح يصف تقنيات في الإعلام العام ، الموجه الى الجمهور الواسع ، بهدف التأثير فيه . ويتصل استعمال المصطلح على هذا النحو بأزمنة الحروب والصراعات العسكرية، وبالصراعات الثقافية ومحاولات الهيمنة والسيطرة على الشعوب كما تم التنويه إليه . ويرى بعضهم أن عصر المعلوماتية مدّ وسائط الإعلام الجماهيري بوسائل تقنية متقدمة ، ما يسهّل لها ممارسة تأثير واسع في العقول . ويشمل ذلك أشياء شبكة الإنترنت والفضائيات المتلفزة وحتى الألعاب الإلكترونية والحق أن بعض ألعاب الكومبيوتر التي ظهرت بعد 11/9 ، توحي باستخدام ذلك الترفيه الرقمي في التأثير في عقول الشباب ، عبر ألعاب يؤدي دور البطولة فيها الجندي الأميركي الذي (( يُحرّر )) مدناً عربية وإسلامية!! ويدخل أيضاً مدناً مثل بيروت للقضاء على أعداء ينتمون الى (( حزب الله )) وغيرها . الأرجح أن مصطلح (( ترويض الدماغ )) يثير الكثير من الأفكار والمشاعر والصور النمطية عن خضوع شخص أو جماعة أو شعب لعملية منظمة من تغيير الأفكار والعادات والعقائد وهذا ما نراه جلياً بالتسلل تدريجياً إلى بفضائيات ظاهرها ديني ولكن باطنها العكس تماماً وهدفها مدمر وتجلى واضحاً تأثيره في الساحة العربية ( وهنا لا أعمم وانما حُشرت مثل هذه الفضائيات لتحقيق الغرض المرجو من إنشائها ) . إن الصحافة العربية كذلك قادرة على عمل ترويض دماغ في أي لحظة لجمهور فقير وجائع ومنهك وبسيط ورقيق التفكير، وليس أدل على ذلك من موقف المواطن المصري الذي تغير 180 درجة تجاه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر مما يشبه العبادة إلى الكراهية ، بسبب حملات (( ترويض االدماغ )) في عصر أنور السادات ، والحال ذاته في العراق فبعد حالات الحب درجة العبادة لصدام حسين تحولت المشاعر إلى بغض وكراهية بسبب الكم الهائل من الصحف التي غزت الأرصفة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق .. على الرغم من وجود نزعة الكره لد ى العامة قد تكون مكبوتة شجعتها الطرح الاعلامي في التعبير عنها جهاراً . أن شبكة الإنترنت هي الأخرى أصبحت بما لا يقبل الشك وسيط ممتاز لترويض الأدمغة لأنها تسمح بمساحة من الخصوصية بين من يقوم بعملية ترويض الأدمغة وبين من يخضع لها .. ثمة مساحة من الغموض تـُُسهّـل عملية استقبال ترويض الدماغ أكثر من التلفزيون .. لم يعد الوصول إلى الجماهير والتأثير فيها أمراً صعباً بفضل التكنولوجيا المعلوماتية الحديثة .

السبيل للوقاية:

نظراً لحساسية الحالة ، فلابد على من يقود للوقاية من هذه الآفة التي تسللت بظلمة ليل حالك له القدرات المادية والتشريعية والتنفيذية .. وهنا أعني السلطة الحاكمة بكامل ثقلها المادي والسلطوي والمجالس التشريعية بمختلف مسمياتها ( وطنية ، برلمان ، أمة ، شعب ... إلخ ) فهي الوحيدة القادرة بإصدار تشريعات وسن قوانين وقائية من هذه الحملة ، زائداً البحث عن مُختـَرع علمي متمكن يستطيع أن يشوش أو يزيل القنوات أو المواقع التي تبث سمومها إلى أدمغة الشباب والأفراد البسطاء وحمايتهم من تلك الأفكار اللعينة ، وإن كان لمثل هذه الفضائيات مراكز بث في داخل البلد أو في أي بلد عربي آخر فلابد من التعامل معها بشدة تصل إلى الغلق والمنع النهائي والعقاب الجزائي القانوني .. إذن لابد على وزراء الثقافة والاعلام العرب الانتباه لمثل هذه الحالة السرطانية وعقد اتفاقية ملزمة بين الدول العربية إلـ22 للتصدي لمثل هذه الأمور .. كما على الجهات التربوية والتعليمية أخذ دورها كما يجب وأن تخصص ضمن مناهجها مادة إلزامية تنبه وتوعي الشباب وتحصنهم من هذه الهجمة الشرسة ومتابعة تنفيذ ذلك بدقة ومحاسبة أي متقاعس في التنفيذ .. وتبقى الفقرة الأهم والجهة الأكثر حساسية ألا وهي العائلة والتي أقصدها الأب والأم .. فالحمد لله نسبة أولياء الأمور المثقفين قد زادت وهنا عليهم بتوجيه لا منع ( أكرر توجيه لا منع ) فلذات اكبادهم وتنبيههم على ذلك وتحذيرهم بأن يعوا كيف يتصرفون؟ وكيف يستقبلون مثل هذه السموم .. فحالة العنف والمنع تولد مردود عكسي وفق القانون الفيزيائي ( لكل فعل رد فعل مساو ٍ له بالقوة ومعاكس له بالإتجاه ) ووفق المقولة المُجربة ( كل ما هو ممنوع مرغوب ) ، إذن فليتم ذلك وفق نقاش هادئ بين الطرفين مبعدين عنهما الحواجز النفسية والتعامل مع هذه الأمور وفق الاقناع ..

خاتمــــــة

يجب على شبابنا العربي المثقف والمتنور بنبراس العلم أن يتفهم الأمور المطروقة بعقلانية لا بتزمت ورفض غير مبرر ، ما كل ما يطرح في مثل هذه الفضائيات أو الصحف أو المواقع يُلزم علينا تطبيقه أو جعله هواية أو مبدأ وعقيدة ندافع عنه بجهالة ، لا يمكن تهميش العقل وتنحيته جانباً فالله سبحانه وتعالى ميز البشر به وطلب منهم إستخدامه في سُبل الصلاح والتفريق بين ما هو صائب وخاطئ .. لننطلق من عقيدتنا الاسلامية وترجمتها المطروحة بيسر بين أيدينا وهو القرآن الكريم كتاب الله ، وسنة نبينا الحبيب المصطفى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام .. هذان المصدران هما ملجأنا وهما دليلنا .. أي بدعة أخرى فهي ضلالة والضلالة في النار ( والعياذ منها بالله ) ، لا يُخدعوا بالعناوين البراقة والانتماءات اليسيرة والتسهيلات التي تقدم لهم دون عناء ، من أجل اشباع غرائزهم المكبوتة ، ولا بالمُتبرقعين والمُدّعين والمُتمَسلمين .. بسم الله الرحمن الرحيم .. ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم ) – صدق الله العظيم ، الحجرات الأية 14 -

. عدد المساهمات : 5046

. عدد المساهمات : 705

بارك الله فيك على طرحك لهذا الموضوع القيم

. عدد المساهمات : 3838

¦♥¦█◄الإعـــــــــلام وتــرويض ألــدماغ ►█¦♥¦ Wwwuaekeyscom4nb3

بارك الله فيك اختاه الغالية

الله يعطيك العافية