هل يظهر
توحيدك الله في حياتك؟!!حق الله هو أعظم الحقوق على
الإطلاق، و" حقالله على العباد أن
يعبدوه ولا يشركوا به شيئا" والتوحيد ـ كما تعلم ـ أن تعيشبـ"لا إله إلا الله" فتصبح وليس لكل هم إلا رضا الله، وتمسي وليس لك هم إلا رضاه،وتتوسل إليه كل لحظة أن يهديك الصراط المستقيم، بأن يوفقك في كل وقتك
فلا يتحرك ساكن منك إلا بما يرضيه عنك، و لا تنطق
بحرف إلا بما يحب أن يسمعه منكن ولا يراك إلا حيث يحب أن
يراك، ولا يشتغل خاطرك وقلبك إلا بما يحبه منك تعالى..
ومن
عاش على "لا إله إلا الله" خُتِم له بها،و "من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة".فإن
وفقك لمرضاته شعرت بأنك قد حزت الدنيابحذافيرها، وإن لم
يرضَ عنك ضاقت بك الأرض بمارحبت..
لا
بد وأنك ـ أيها القارئ الكريم ـ متفق معيإلى الآن في كل ما ذكرت، لكن فلنعرض حياتنا ومواقفنا
التي يربينا الله بها ويجعلمنها فرصة للقرب
إليه، هل يوافق تصرفنا ما قام في قلوبنا من اعتقاد ما سبق!!
ولنرى معا هل التوحيد واقع نعيشه في كل نبضة قلب، وفي كل
نفَس، أم هو ـوللأسف ـ مجرَّد معلومات حفظناها وفهمناها
ثم بقيت محبوسة خلف قضبان عقولنا، ولميتح لها الحرية
لتنصبغ الحياة بآثارها ومستلزماتها؟
فهذه
بعض المواقف اليومية ا لتي يختلف فيها
تصرف الموحد ـ الساعي لتحقيق توحيده وتكميله ـ عن غيره ممن هو أقلمنه توحيدا، فلنعرض أنفسنا على ما سيأتي لنعرف
من أي الفريقين نكون!
· إذا اشتد عليك الصداع
ونحوه،وزاد تألمك وتوجعك، فما أول ما يلتفت إليه
قلبك ؟؟
أتراه
يلتفت للبنادول والإسبرين، فتتجه نحو مكانهما وقلبك سابقك
إليهما؟!
أم
تكون ممن جعل اللهمفزعه وملجأه،
فتدعوه وتنكسر بين يديه، متضرعا خاشعا، سائلا منه الشفاء، والأجر على البلاء، وترقي نفسك بكلماته التامات، ثم بعد كل ذلك
تسأله تيسير الأسباب المباحة مندواء ومداوٍ لك، ثم
تسأله أن ينفعك بها، فأنت تعلم أنها أسباب لا تضر ولا تنفع، ولايقع تأثيرها إلا إذا شاء الله ذلك وقدره، فبيده مقاليد
السموات والأرض!!
وحين يستغلق عليك فهم مسألة ما،و تستحكم عليك عقدها، وتعجز عن فهمها وتحليلها ما أول ما
يلتفت إليه قلبك؟
أتراك
تسرع إلى الهاتف لتتصل بشيخك الذي طالماحل لك عقد المسائل،
وأروى غليلك من نبع علمه، وجلى لك الأمور بثاقب فهمه؟!
أم
تراك تهرول إلى حاسوبك لتبحث عبر محركات البحث في الشبكة العالمية التي طالما أسعفتك بمرادك؟
أم
تتجه نحو كتبك ومكتبتك فتنكب على خزائن عقول العلماء و علمهم
تنقب فيها عن بغيتك؟
أم
تراك تفزع إلى الله مستغفرا تائبا،
منيبا عائدا إليه، عالما أن ما أصابك فبما كسبت يداك من معاصيه، وماأغلق دونك باب الفهم إلا لاسوداد شيء من قلبك لانشغالك
عنه بغيره، وتتوسل إليه باسمه "الفتاح" أن يفتح عليك،
وأن يعلمك ويشرح صدرك.
ثم
تسأله بعد ذلك أن يسخرلك من الأسباب ما به
يفهمك ويعلمك ويفتح عليه، ويسوق إليك به علما جهلته، وفهمااستغلق عليك، فيسخر لك شيخا يرد على اتصالك، ويفهم سر
إشكالك، ويوفق لطريقة الجواب،ليصل بك إلى الصواب،
ويزيل عنك اللبس، ويذهِب الله به عن عقلك البأس..
أو
كتاب نافع يرزقك الله في مرادك، أو محرك بحث يقع بك على
طلبتك وغايتك.
وحين تحتاج الذهاب إلى مكان ما لأمر هام، ولا تجد سبيلا للوصول مع شدة حاجتك للذهاب، هل تهرول طارقا كل باب وسائلا
كل صاحب سيارة من جاروصاحب وقريب ليسرع بك
نحو هدفك فالوقت قد أزف والمصلحة ستفوتك؟!
أم
تلجأ إلى الله مستغيثا متوسلا إليه باسمه الرزاق" أن يرزقك وييسر لك الذهاب، وييسر لك أسبابه،
وينفعك بها بعد تسخيرها، ثم يوفقك فتحصل على
المقصود، فتتجه بعد ذلك بهدوء لتطرق باب الأسباب وقلبك منقطع عنها متعلق بربها وموجدها ومسببها، فتتصل على فلان وقلبك
مطمئن أن القلوب بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف
يشاء، فإن شاء الله لك رزقا من طريقه فإن الأمة كلها لو اجتمعت على منع وصول رزقك إليك فلن يستطيعوا، وأن الله إن
منعك من جهة هذا السبب فلن تستطيع كل قوى الخلق
الإتيان بما منعك الله..
فتطرق
الأسباب بعزةالمتوكل على الله، كما أمرك الله، من غير
ذلة ولاكِبْر..
فإن
حصل لك مرادك فإن المنعم المتفضل عليك أولا وآخرا هو الله،
فله المنة كلها، فمنه الجود كله.
وإن
حرمك فهو الحكيم العليم الرحيم اللطيف.فاطمأننت
لخيرة الله لك، وعلمت أن اختياره لكخير من اختيارك
لنفسك.
وحين تتقدم لوظيفة أو معاملة فما أول ما يمر على خاطرك؟!هل
تقفز في مخيلتك صورأسباب و أشخاص
معيَّنين تطمع في شفاعتهم لك وتوسطهم عند من تظن أنه يملك الشأن،فتبذل غاية جهدك في استجدائهم ونيل رضاهم لينفعوك؟!
أم
أنك تستخير الله تعالى بقلب واثق موقن
مطمئن إلى حسن تدبيره وربوبيته لك، وتستخيره فيها، ثم تمضي متعلق القلب به، متوسلا إليه أن يسخر لك الأسباب لجلب
مصلحتك، وأن ينفعك بها، مستعينا به تعالى على ذلك،
فتكون جوارحك عاملة الأسباب وقلبك منقطع منها ومتعلق بربك.
إن خلوت لوحدك، واستترت عن أعين الخلق، وتهيأت لك أسباب
معصية تشتهيها نفسك، هل تنتهز الفرصة، وتنقض عليها انقضاض الجارح على الفريسة؟ وتعلل نفسك بالتوبة بعد قضاء وطرك،
وتستغل فرصة غيابك عن أعين الناس؟!
أم
تسغيث بالله، وتحتمى وتستعيذ به، وتسأله أن يعصمك منها، وتتبرأ
من حولك وقوتك على مقاومتها إلا أن يوفقك بفضله، وتتوب وتستغفرمن هم وقع بقلبك تجاهها، ومن مرورها على خاطرك، وتستحي
من اطلاعه عليك، فتذرف عيناك دموع الخشية منه،
لمعرفتك بمقامه وسعة علمه واطلاعه، وأنه لا تخفى عليه خافية؟!
بل كيف حالك حين يسوق
الله لك رزقا على يد بعض خلقه، دون تطلع منك، ومما
تشتد حاجتك إليه ـ خصوصا ـ هل ينتشي قلبك لذاك الشخص محبة
وتقديرا لجميله، ورجاء له، فيمتلئ قلبك ولسانك و جوارحك ثناء عليه على صنيعه، ومدحا لنبل أخلاقه، وكرمه وجوده معك، وكيف أن هذه
العطية قد أتت فيوقتها، إلى آخر ذلك
مما نعرف؟!
أم
تشرق شمس الرضا عن الله على قلبك، وتنظرإلى جميل إحسانه،
ولطفه وبره بعين بصيرتك قبل عين بصرك، وتزداد يقينا بقربه وبحسن تدبيره لأمور عباده، وبأنه هو المتفضل عليك أولا
وآخرا، ظاهرا وباطنا، حيث رزقك مايناسبك في الوقت
الذي يناسبك، وعلم بذلك فأعطاك، وسخَّر لك جودا منه وفضلا رزقا ساقه إليك على يد عبد جعله الله مفتاحا للخير، فساق لك
الخير على يديه، فتحمد الله بقلبك ولسانك وكل
جوارحك،وتمتلئ به رضا، وإليه رغبة ومحبة وطمعا..
ثم
تذكر أنه أمر بشكر من ساق لك الخير على يديه، ومكافأته،
فتكافئه إن استطعت بخير مما أعطاك لكيلا يبقى لأحد عليك منة، وتثنيعليه بما هو فيه، وتشعره بنعمة الله عليك به، وبنعمة
الله عليه حيث جعل على يديه خيرا يسوقه لمن يشاء
من عباده، وتبشره أن الله يوفق للأعمال المباركة المباركين منخلقه، فتكون مباركا تذكر الناس بمنة الله وفضله عليهم؟!
كانت تلك بعض المواقف
من واقعنا التي يظهرفيها أثر التوحيد
على حياة العبد، فمن عاش بهذه الطريقة هو من عاش على "لا إله إلاالله" ، وهو من يُرجَى له أن تكون هي آخر كلمه من
الدنيا، وأن يكون ممن يثبته الله بالقول الثابت في
الحياة الدنيا وفي الآخرة..
فما
أجمل الحياة حين تكون بالتوحيد، فلا تحمل
ألف همٍّ وهمّ، وإنما تحمل هما واحدا عليه تحيا وعليه تموت وعليه تبعث إن شاء الله، وهو هم رضا الله تعالى..
أسأل الله
أن يجعلنا ممن حقق التوحيد في قلبه، وكان من أهل
"لا إله إلاالله"..آمين آمين