السلام
عليكم
طيب الله
أوقاتكم
ارتأيت
أن أشرككم بهذا التفصيل للمجلس الإسلامي
للإفتاء
بالقدس
حول سؤال
وجه إليه وهو:
ما حكم الرسوم الزيتية والصور التي
تكون على الملابس والصور الشمسية
(الفوتوغرافية)
؟
بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد لله رب
العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى
آله
وصحبه
أجمعين وبعد : ينظر في المسألة : ذلك أن
الصور
والرسومات
إما أن
تكون لما لا روح له , كالأشجار والأنهار
والوديان
والشمس والقمر ...
وإما أن
تكون متمة له روح كصورة الآدمي أو الحصان
والطير
...
فالصنف
الأول من المسألة المطروحة بين أيدينا (
وهي ما لا
روح له )
لا حرج في
رسمها وتصويرها واقتنائها وتعليقها , عند
أكثر أهل
العلم ,
وهو القول
المعتمد في المذاهب الأربعة . أنظر : [
حاشية ابن
عابدين 1/436 ,
بدائع
الصنائع للكاساني 5/127 , شرح معاني
الآثار
للطحاوي 4/287 ,
الشرح
الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام
مالك
2/501 ,
منح
الجليل على مختصر خليل 3/529 , أوجز
المسالك على
موطأ
مالك
15/149 , روضة الطالبين للنووي 5/649 ,
حاشية
قليوبي 3/297 ,
كشاف
القناع للبهوتي 1/280 , الإنصاف في معرفة
الراجح
من الخلاف
للمرداوي
1/474 , الاستذكار لابن عبد البر 27/181 ,
مجموع
فتاوى ابن تيمية 29/370 , نيل الأوطار
للشوكاني
2/117 ] .
واستدل جمهور أهل العلم
على جواز
تصوير ورسم الأرواح فيه بما يلي
:
1-
بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(
من صوّر صورة في الدنيا
كلف أن ينفخ فيها الروح , وليس بنافخ )
. [ صحيح البخاري مع
شرحه فتح
الباري 10/393 , كتاب اللباس , باب من صور
صورة
كلف يوم
القيامة
أن ينفخ فيها الروح ] . وجه الاستدلال من
هذا
الحديث :
أن منطوق
الحديث خص النهي بذات الأرواح , فدل مفهوم
المخالفة
على جواز
رسم وتصوير ما لا روح له كالأشجار
والوديان
والأنهار ...
2-
بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه
نهى
المصور عن التصوير ثم قال
:
"
إن كنت فاعلاً فصور الشجر وما لا روح فيه
"
. [ فتح الباري 4/416 ] .
أما
بالنسبة لرسم ما له روح كرسم آدمي أو حصان
أو طير
وغيرها فهذه
تسمى عند
الفقهاء صور ما لا ظل له , وهم مختلفون في
حكمها
على قولين ,
أرجحها
الجواز وهو المفتى به لدى علماء المالكية ,
إلا
أنهم كرهوا ذلك كراهية فقط
,
وهو ما
مال إليه الكثير من المعاصرين كفضيلة
الدكتور يوسف
القرضاوي ,
والشيخ
محمد نجيب المطيعي , والشيخ حسنين مخلوف ,
والشيخ
سيد سابق .
أنظر : [
الشرح الكبير بهامش حاشية الدسوقي لأبي
البركات
الدردير
2/337 , شرح الخرشي على مختصر خليل 3/303 ,
منح
الجليل على مختصر خليل 3/529 , أحكام
التصوير في
الفقه الإسلامي
بين
الإباحة والحظر للمطيعي ص22 و ص35 و ص60 ,
فقه
السنة سيد
سابق
3/37 , الحلال والحرام في الإسلام للدكتور
يوسف
القرضاوي ص102 ,
فتاوى
شرعية للشيخ حسنين محمد مخلوف 1/165 ] .
وإلى القول بجواز رسم ما له روح
ذهب
المجلس الإسلامي للإفتاء في جلسته
المنعقدة
يوم الأحد 10 جمادى الأولى 1425 للهجرة
الموافق
27/6/2004 ,
وكذلك
الأمر بالنسبة للصورة الشمسية (
الفوتوغرافية )
فهي أيضاً جائزة
ولا حرج في اتخاذها واقتنائها وتعليقها
في البيوت , وذلك لما يلي
:
أ-
لأن الصور التي ترسم في اللوحات أو تنقش
على
الثياب والبُسط والجدران
ونحوها
ليس هناك نص صحيح صريح سليم من المعارضة
يدل على
حرمتها ,
بل إن
النصوص تدل على جوازها , وذلك لما روى
الإمام مسلم
في صحيحه
عن بسر
بن سعيد عن زيد بن خالد عن أبي طلحة أن
رسول الله
صلى الله عليه
وسلم قال
: (
لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة )
, قال بسر : ثم اشتكى
زيد بعد
فعدناه فإذا به على بابه بسِتر فيه صورة ,
, فقلت
لعبيد الله الخولاني :
ربيب
ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (
وكان معه )
ألم يخبرنا زيد
عن الصور يوم الأول ؟ قال :
ألم تسمعه حين قال : ( إلا رقماً في
ثوب )
,
والرقم
في الثوب يعني : الثوب فيه صورة ونقوش .
فهذا
الحديث يدل
على أن
المحرم من الصور هو فقط المجسمات
والتماثيل التي
لها روح
وما
سواها فهو جائز ولا غضاضة فيه . [ رواه
مسلم في
صحيحه 3/1665 ] .
ب-
لما روى الإمام مسلم أيضاً عن عائشة رضي
الله عنها
قالت :
كان لنا
ستر فيه تمثال طائر , وكان الداخل إذا دخل
استقبله
,
فقال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم
:
(
حوّلي هذا , فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت
الدنيا )
.
[ رواه
مسلم في صحيحه 3/1666 ]
.
ووجه
الاستدلال من هذا الحديث أن النبي صلى
الله عليه
وسلم لم يأمرها بقطعه
إنما
أمرها بتحويله من مكانه , وذلك كراهية منه
صلى
الله عليه وسلم
حتى لا
يذكره بالدنيا , فلو كان ذلك محرماً لما
اكتفى
النبي صلى الله عليه
وسلم
بنقله من مكان إلى مكان , إنما لأمر بقطعه
أو
تحريقه لما
عرف عنه
صلى الله عليه وسلم من غيرته على حرمات
الله تعالى
.
كما أنه
لا يفوتنا أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يصلي
السنن
والنوافل
في البيت , ووجود مثل هذه الأشياء من
شأنها أن
تشغل
القلب عن التزام الخشوع والإقبال الكامل
على
مناجاة الله سبحانه
,
ومما يؤكد
ذلك ما رواه البخاري عن أنس قال : كان
قرام ( ستر
)
لعائشة
سترت به جانب بيتها , فقال لها النبي صلى
الله
عليه وسلم :
( أميطيه
عني , فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في
صلاتي
)
.
[ فتح
الباري شرح صحيح البخاري 1/484 ]
.
ت- لأن التصوير الذي كان في عهد النبوة
والذي اتجه إليه التحريم هو
الذي
توافرت
فيه صفات ثلاث :
ما له روح من الإنسان والحيوان وقصد به
التعظيم
أو مضاهاة ومحاكاة خلق الله تعالى وفعله .
وهذه
الصفات غير
موجودة في
الرسوم الزيتية والصور الشمسية
.
ث-
لأن الصور الشمسية ( الفوتوغرافية ) شيء
مستحدث لم
يكن في
عصر
النبي صلى الله عليه وسلم ولا سلف
المسلمين ,
فلا يوجد
نص في حرمتها ,
والأصل في
الأشياء الحل ما لم يرد نص على التحريم ,
وما هي
إلا حبس للظل ,
ولا فرق
بينها وبين الصورة في المرآة , أو الصور
في الماء
,
وكل ما
في الأمر أن صورة المرآة أو الماء متحركة
غير
ثابتة ,
والصور
الفوتوغرافية تثبت بالأحماض الكيماوية
ونحوها
.
ج-
لاستعمال النبي صلى الله عليه وسلم
الدنانير
الرومية والدراهم .
أنظر : [
الدينار الإسلامي للسيد ناصر النقشبندي
ص17 ] .
ولكن على
القول بجواز الرسوم والصور الفوتوغرافية
لا بد من
وضع الضوابط التالية
:
1-
أن لا يكون موضوع الصورة مخالفاً لعقيدة
الإسلام ,
كالصور التي تعبر
عن
الوثنية أو شعائر بعض الأديان التي لا
يرضاها
الإسلام كصورة مريم العذراء
,
أو عيسى
عليه السلام , أو صورة ملاك , أو تصاليب
وغيرها
.
2-
أن لا يكون موضوع الصورة والرسومات يتضارب
مع آداب
الإسلام
وتعاليمه
, كتصوير النساء عاريات أو شبه عاريات ,
أو رسمهن
وتصويرهن
في أوضاع مثيرة للشهوات موقظة للغرائز
,
كما هو
حال الكثير من المجلات والصحف
...
3-
أن لا تكون الصورة لأحد الكفرة أو الظلمة
أو
الفسقة ,
كصور
لزعيم ملحد ينكر وجود الله تعالى , أو
وثني يشرك
بالله عز وجل ,
أو لشخص
يجحد نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
,
ومثل ذلك
يقال في أدعياء الإسلام وهم يحكمون بغير
ما أنزل
الله تعالى ,
أو يشيع
الفاحشة والفساد في المجتمع كالممثلين
والممثلات
والمطربين
والمطربات ...
والله تعالى
أعلم