الابتلاء بالمرض سنة
ماضية
حكم
المرض وفوائده :
1 . استخراج عبودية الضراّء وهي الصبر :
-إذا كان المرء مؤمناً حقاً فإن كل أمره خير ، كما
قال عليه الصلاة والسلام : " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك
لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراّء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراّء
صبر فكان خيراً له " [1]
2 . تكفير الذنوب والسيئات :
مرضك أيها المريض سبب في تكفير
خطاياك التي اقترفتها بقلبك وسمعك وبصرك ولسانك ، وسائر جوارحك
فإن المرض قد يكون عقوبة على ذنب وقع من العبد ، كما قال
تعالى { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير }
- يقول المعصوم – صلى الله عليه وسلم
: "ما يصيب المؤمن من وَصب ،
ولا نصب ، ولا سقَم ، ولا حزن حتى الهمّ يهمه ، إلا كفر الله به من سيئاته
3 كتابة
الحسنات ورفع الدرجات
قد يكون للعبد منزلة عظيمة عند الله
سبحانه وتعالى ، لكن العبد لم يكن له من العمل ما يبلغه إياها ، فيبتليه
الله بالمرض وبما يكره ، حتى يكون أهلاً لتلك المـنزلة ويصل إليها
قال عليه الصلاة والسلام : " إن العبد إذا
سبقت له من الله منـزلة لم يبلغها بعمله ، ابتلاه الله في جسده أو في ماله
أو في ولده ، ثم صبّره على ذلك ، حتى يبلغه المنـزلة التي سبقت له من الله
تعالى " [3]
4 . سبب في دخول الجنة :
قال – صلى الله عليه
وسلم يود أهل
العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب ، لو أن جلودهم كانت
قرِّضت بالمقاريض " صحيح الترمذي للألباني 2/287 .
5 .
النجاة من النار : عن أبي
هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – عاد مريضاً ومعه
أبو هريرة ، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " أبشر فإن الله
عز وجل يقول : هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من
النار في الآخرة " السلسلة الصحيحة للألباني 557 .
6 ردّ العبد
إلى ربه وتذكيره بمعصيته وإيقاظه من غفلته
من فوائد المرض أنه يرد العبد
الشارد عن ربه إليه ، ويذكره بمولاه بعد أن كان غافلاً عنه ، ويكفه عن
معصيته بعد أن كان منهمكاً فيها .
7 . البلاء يشتد بالمؤمنين
بحسب إيمانهم
قال عليه الصلاة والسلام : " إن عظم الجزاء مع
عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن
سخط فله السخط " حسنه الألباني في صحيح الترمذي 2/286 .
بشرى
للمريض
ما كان يعمله المريض من الطاعات ومنعه المرض من
فعله فهو مكتوب له ، ويجري له أجره طالما أن المرض يمنعه منه .
قال – صلى الله عليه
وسلم : " إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما
كان يعمل مقيماً صحيحاً " رواه البخاري 2996 .
الواجب على المريض
الواجب على المريض تجاه
ما أصابه من مرض هو أن يصبر على هذا البلاء ، فإن ذلك عبودية الضراء
والصبر يتحقق بثلاثة أمور
بس النفس عن الجزع والسخط
وحبس اللسان عن الشكوى
للخلق
3 . وحبس الجوارح عن فعل ما ينافي الصبر
اسباب الصبر على المرض
العلم بأن
المرض مقدر لك من عند الله ، لم يجر عليك من غير قبل الله .
قال تعالى { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله
فليتوكل المؤمنون } ، وقال تعالى { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في
أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها }
قال عليه الصلاة والسلام : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق
السماوات والأرض بخمسين ألف سنة " مسلم 2653.
2 . أن تتيقن أن الله أرحم بك من نفسك ومن الناس
أجمعين عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : قدم على
النبي – صلى الله عليه وسلم – سبيٌ ، فإذا امرأة من السبي وجدت صبياً
فأخذته ، فألصقته ببطنها وأرضعته ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : "
أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ قلنا : لا وهي تقدر أن لا تطرحه ،
فقال : لله أرحم بعباده من هذه بولدها " البخاري 5999 .
أن تعلم أن الله اختار لك المرض ، ورضيه لك والله أعلم بمصحتك من
نفسك :
إن الله هو الحكيم يضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها ، فما أصابك هو عين
الحكمة كما أنه عين الرحمة
4 . أن تعلم أن الله أراد بك خيراً في هذا المرض
-
قال عليه الصلاة والسلام : " من يرد الله به خيراً يصب منه "[5] أي يبتليه
بالمصائب ليثيبه عليها .
5 . تذكر بأن الابتلاء بالمرض وغيره علامة على
محبة الله للعبد :
قال – صلى الله عليه وسلم - : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ،
وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم " صحيح الترمذي للألباني 2/2 86ان يعلم
المريض بأن هذه الدار فانية ، وأن هناك داراً أعظم منها وأجل قدراً :
فالجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
قال – صلى الله عليه وسلم - : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم
القيامة ، فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال : يا ابن آدم : هل رأيت خيراً قط ؟
هل مرّ بك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يا رب . ويؤتى بأشد الناس بؤساً في
الدنيا من أهل الجنة ، فيصبغ في الجنة صبغة ، فيقال له : يا ابن آدم هل
رأيت بؤساً قط ؟ هل مرّ بك شدة قط ؟ فيقول : لا والله يا رب ما مرّ بي بؤس
قط ولا رأيت شدة قط "[6] – الصبغة أي يغمس غمسة .
التسلي
والتأسي بالنظر إلى من هو أشد منك بلاء وأعظم منك مرضاً :
قال عليه الصلاة والسلام : " انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى
من هو فوقكم ، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم " [7
وأسأله
سبحانه أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين .
[1] رواه مسلم (2999 ) .
[b][2] البخاري 5641 .
[3] صحيح أبي داود للألباني
2/597 .
[4] عدة الصابرين لابن القيم ص
13 .
[5] البخاري 5645
[6] مسلم 2807 .
[7] مسلم 2963