–
سُئل الشيخ
محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : عما يقوله بعض الناس من أن علة إعفاء
اللحى مخالفة المجوس والنصارى كما في الحديث ، وهي علة ليست بقائمة الآن ،
لأنهم يعفون لحاهم ؟
فأجاب :
” جوابنا على هذا من وجوه :
الوجه الأول :
أن إعفاء اللحية ليس من
أجل المخالفة فحسب ، بل هو من الفطرة كما ثبت ذلك في صحيح مسلم ، فإن إعفاء
اللحي من الفطرة التي فطر الله الناس عليها وعلى استحسانها ، واستقباح ما
سواها .
الوجه الثاني :
أن اليهود والنصارى
والمجوس الآن ليسوا يعفون لحاهم كلهم ، ولا ربعهم ، بل أكثرهم يحلقون لحاهم
كما هو مشاهد وواقع .
الوجه الثالث :
أن الحكم إذا ثبت شرعاً
من أجل معنى زال وكان هذا الحكم موافقاً للفطرة أو لشعيرة من شعائر الإسلام
فإنه يبقى ولو زال السبب ، ألا ترى إلى الرَّمَل في الطواف كان سببه أن
يُظهر النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه الجَلَد والقوة أمام المشركين
الذين قالوا إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حُمَّى يثرب ، ومع ذلك فقد زالت هذه
العلة ، وبقى الحكم ، حيث رَمَل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع .
فالحاصل :
أن الواجب على المؤمن إذا قضى
الله ورسوله أمراً أن يقول سمعنا وأطعنا ، كما قال الله تعالى : ( إِنَّمَا
كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النور/51 .
ولا يكونوا كالذين قالوا سمعنا وعصينا أو
يلتمسوا العلل الواهية والأعذار التي لا أصل لها ، فإن هذا شأن من لم يكن
مستسلما ًغاية الاستسلام لأمر الله ورسوله يقول الله عز وجلّ : ( وَمَا
كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً
أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) الأحزاب/ 36 .
ويقول تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا
يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا
يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا
تَسْلِيماً ) النساء/65 .
ولا أدري عن الذي يقول مثل هذا الكلام هل
يستطيع أن يواجه به ربه يوم القيامة ، فعلينا أن نسمع ونطيع وأن نمتثل أمر
الله ورسوله على كل حال ” انتهى .
“مجموع فتاوى ابن عثيمين” (11/129_130) .