البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Uuoou_10
البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Uuoou_10
البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !!

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
كنوز2000
.
.
كنوز2000


عدد المساهمات : 1276

المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Empty
مُساهمةموضوع: المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !!   المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأحد يونيو 13, 2010 11:38 am

المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 981582909

المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ
لن تتكرر !!


بقلم / محمود
حافظ



كان من أعظم من حكم الأندلس على الإطلاق , الرجل الذى وطأت
خيله أماكن لم يطأها خيل المسلمين من قبل !! يكفى ذكر اسم المنصور بن أبى عامر أمام
ملوك قشتالة وليون وجيليقية ليجثوا على ركبهم من الرعب والهلع , كان لربما الواحد
منهم أرسل ابنته جارية عند المنصور فى قرطبة لينال رضاه ..!!


ووصلت
جيوشه الى حيث لم يصل حاكم أو خليفة قبله قط , وغزا أكثر من 54 غزوة فى الأندلس فلم
تنتكس له فيها راية ولم تهلك له سرية ولم ينهزم له جيشٌ قط !!!


آثــاره
تنبيـك عن أخبــاره **حتـى كأنــك بالعيـــان تـراهُ
تالله لا يأتي الزمان بمثله
**أبدًا ولا يحمي الثغور سواهُ


فمن هذا الرجل العظيم الذى لم يأتى
الزمان بمثله أبدا , ومن هذا العظيم الذى كان رمزا للرعب فى الممالك المسيحية فى
أوروبا !!!


دعونا نسرد سيرة الحاجب المنصور ابن أبى عامر , وحقيقة لقد
جُمع لى من المصادر والمراجع والكتب الشيىء الكثير لأنى فى الحقيقة أردت أن أعمل
دراسة كاملة متأنية فى سيرة الحاجب المنصور , لكن أكتفى بذكر نبذة بسيطة عن هذا
البطل الفريد الى حين الإنتهاء من الدراسة الكاملة إن شاء الله, واليكم بعض
مصادر الدراسة :-

1- اعمال الأعلام في من بويع قبل
الاحتلام من ملوك الاسلام , للسان الدين ابن الخطيب
2- الزهرات المنثورة فى نكت
الأخبار المأثورة , لابن سماك العاملى
3- البيان المغرب فى أخبار الأندلس
والمغرب , لابن عذارى المراكشىّ
4- المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا
,لأبو الحسن النباهى المالقى الأندلسى
5- بغية الملتمس فى تاريخ أهل الأندلس ,
للضبىّ
6- صفة جزيرة الأندلس منتخبة من كتاب الروض المعطار فى خبر الأقطار ,
للحميرىّ
7- دولة الإسلام فى الأندلس , لمحمد عبد الله عنان
8- نفح الطيب من
غصن الأندلس الرطيب , للمقرى التلمسانى
9- الذخيرة فى محاسن أهل الجزيرة , لابن
بسام الشنترينى
10- وغيرها من الكتب والمصادر العديدة الأخرى ولكن أكتفى بذكر
ماسبق أعلاه ...




الأندلس .....

ما أعذبها من كلمة تطرب لسماعها
الآذان وتسرح فى جمالها الأذهان , هى الفردوس المفقود والمجد السليب ولولا أن هذا
المقام ليس لذكر حضارة الأندلس لأسهبت بالحديث عن ذكر محاسن الأندلس ومآثرها ولكن
أكتفى الآن بذكر أحد تلك المآثر العظيمة إن لم يكن أعظمها على الاطلاق
...


المولد والنشأة
:


إنه محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد
الله بن عامر بن أبى عامر بن الوليد ابن يزيد بن عبد الملك المعافرىّ القحطانىّ
, من أصول يمنية , جده الأكبر "عبد الملك المعافرى" هذا كان أحد قادة الجند
مع طارق بن زياد أثناء فتح الأندلس الأول . وكان أبوه "عبد الله بن محمد" من أهل
الفضل والعلم حجّ ثم مات قافلاً من حجه – رحمه الله – فى طرابلس المغرب. وأمه هى
"بُريْهة بنت يحيى بن زكريا التميمىّ " من بنى تميم , لذلك قال فيه ابن دارج
القسطلىّ :


تلاقت عليه من تميمٍ ويَعْرُبِ *** شموسٌ تلالا فى العلا
وبدورُ
مـن الحِمــيْريْنَ الذين أكُفُّهـم *** سحـائبُ تَهْمي بالنَّدى
وبحــورُ


وُلد محمد بن أبى عامر عام 327هـ , وهو العام الذى انهزم فيه
المسلمون فى عهد عبد الرحمن الناصر – رحمه الله – فى معركة الخندق عند مدينة "شنت
مانقش" أمام قلعة سمّورة المنيعة , وكأن ميلاد محمد بن أبى عامر فى هذه السنة هو
أخذ الله بثأر المسلمين على يدى المنصور .أصله من "تركش" فى الجزيرة الخضراء فى
جنوب الأندلس , نشأ محمد بن أبى عامر كمثله من أقرانه على القرآن والفقه إلا أنه
كان ظاهر النجابة وكانت له حال عجيب فى قوة الإرادة والطموح والسعى وراء هدفه حتى
قال عنه ابن الآبار فى كتابه "الحلة السيراء" : كان أحد أعاجيب الدنيا فى ترقيه
والظفر بتمنيه !!


المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 278465451
لافتة فى أحد الطرق الأسبانية لمدينة الجزيرة الخضراء ومكتوبة بالخط
العربى




وقال عنه ابن عذارى المراكشىّ فى كتابه "البيان
المغرب فى أخبار الأندلس والمغرب" : وكان محمد هذا حسن النشأة , ظاهر النجابة ,
تتفرس فيه السيادة ...

ارتحل محمد بن ابى عامر الى قرطبة حاضرة الدنيا طلباً
للأدب وعلم الحديث , فطلب علم اللغة على أبى علىّ القالىّ البغدادىّ اللغوى المشهور
وعلى أبى بكر ابن القوطية , وقرأ الحديث على أبى بكر ابن معاوية القرشىّ وغيره ,
فنبغ فى تلك العلوم كلها ونما ذكره فيها .


حلم
المنصور بن أبى عامر :-


كان محمد بن أبى عامر – رحمه الله – له
همة عجيبة وإرادة قوية وكان لديه حلما عظيما وهو أن يصبح حاكم الأندلس
!!

وقد كان – رحمه الله – يخبر أصحابه بهذا والمقربين اليه , حتى أنه لربما
قلدهم الخُطط والمناصب وهو مازال فى حداثة سنّه !!

واليكم هذه القصة التى
أوردها ابن الخطيب
فى كتابه " اعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك
الاسلام " وأوردها أيضا ابن النباهى فى ترجمة القاضى الجليل محمد بن يبقى بن زرب فى
كتابه " المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا " يقول :

( ومن أعجب أحواله – أى محمد بن أبى عامر – أنه كان على بصيرة من أمره ,
هانئاً بما ذخرت له الأيام فى حداثة سنّه , فكان يتكلم فى ذلك بين أصحابه , ويشير
الى ما خبأ الله له من غيبه , فحدث ابن ابى الفيّاض فى كتابه قال : أخبره الفقيه
أبو محمد علىّ بن أحمد , قال : أخبرنى محمد بن موسى بن عزرون , قال : أخبرنى أبى
قال : اجتمعنا يوماً فى متنزه لنا بجهة الناعورة بقرطبة , ومعنا ابن أبى عامر , وهو
فى حداثته , وابن عمه عمرو بن عسقلاجة , والكاتب ابن المارعزّى ورجلٌ يعرف بابن
الحسن من جهة مالقة , كانت معنا سفرة فيها طعامٌ , فقال المنصور من ذلك الكلام الذى
كان يتكلم به : < لا بد لى أن أملك الأندلس , وأقود العسكر , وينفذ حكمى فى جميع
الأندلس !! > , ونحن نضحك منه ونهزأ به . وقال : < تمنّوا علىّ > , فقال
ابن عمه عمرو : " أتمنّى أن تولينى على المدينة , نضرب ظهور الجناة ونفتحها مثل هذه
الشاردة " , وقال ابن المارعزّى : "أشتهى أن تولينى أحكام السوق !" , وقال ابن
الحسن : "نتمنّى أن تولينى القضاء بجهتى ! " , قال موسى بن عزرون : وقال :<
تمنّى أنت ! > , فشققت لحيته , وأسمعته كلاماً سمجاً قبيحاً ... فلم يك إلا أن
صار الملك اليه , فولى ابن عمه المدينة , وولى ابن المارعزّى السوق , وكتب لابن
الحسن بالقضاء , قال : "وأغرمنى أنا مالاً عظيماً , أجحفنى وأفقرنى لقبيح ما كنت
جئت به .."
) انتهى كلام ابن الخطيب .


وايضا قصة أخرى عجيبة
من قصص المنصور بن أبى عامر
فى هذا الجانب ذكرها أبو الحسن النباهى فى كتابه
(المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء و الفتيا) أنقلها لكم بتصرف :
(كان المنصور بائتاً ليلة مع أحد إخوانه في غرفة، فرقد رفيقه، ودنيُّه،
ولم يرقد هو قلقاً وسهراً فقال له صاحبه: يا هذا قد أضررتني هذه الليلة بهذا السهر
, فدعنى أرقد ... فقال المنصور: إنني أتفكر في من يصلح أن يكون قاضياً
للأندلس، ولمّا استغرب صاحبه ذلك، قال له: "يا هذا! أأنت أمير المؤمنين؟ فقال له:
"هو كذلك".
ثم أخذ صاحبه يعرض بعض أسماء القضاء وقال : يصلح فلانٌ ويصلح فلانٌ
, ومحمد بن أبى عامر لا يجوز من المذكورين أحداً , حتى ذكر صاحبه "أبي بكر محمد بن
يبقى بن زرب" العالم الجليل الفاضل ، فتهللت أسارير وجه محمد بن أبى عامر وقال :
< يا هذا ! فرجت عنّى , ليس بالله يصلح لها أحدٌ غيره > ثم رقد ونام مطمئناً
!!!
)


هكذا كان المنصور بن أبى عامر فى حداثة سنّه يحدّث نفسه
بحكم الأندلس , وأن يقود العسكر وينفذ حكمه فيها , فكان يضع هذا الهدف نصب عينيه
ويعمل له ويخطط من أجله ويسعى من أجل تحقيقه ..



حياة محمد بن أبى عامر فى قرطبة :-

اقتعد محمد
بن أبى عامر دكانا عند الزهراء – المدينة الملكية التى بناها عبد الرحمن الناصر –
أيام الخليفة الحكم المستنصر – رحمه الله – يكتب شكاوى الناس أو طلباتهم أو حاجاتهم
التى يرفعونها الى الخليفة او الحاجب , وكان يأنس اليه فتيان القصر وظل على ذلك مدة
حتى رفع ذكره وعلا شأنه وبدأ نجمه فى الظهور .


حتى طلبت السيدة صبح زوج
الخليفة الحكم المستنصر – رحمه الله – وأم ولى العهد "هشام" من يكتب عنها , فدلوها
على محمد بن أبى عامر , فترقى الى ان كتب عنها , فاستحسنته ونبهت عليه الحكم
المستنصر – رحمه الله – ورغبت فى تشريفه بالخدمة .


ومن ذلك اليوم وبدأ
نجم محمد بن أبى عامر فى الظهور وظهرت منه نجابة وذكاء أعجبت الحكم المستنصر – رحمه
الله , فترشح الى وكالة ولى العهد "هشام" لسنة 359هـ , فأعجبت به الحكم المستنصر ,
فولاه قضاء بعض الكور بأشبيلية , ثم ترقى الى المواريث والزكاة , فأظهر حسن التدبير
مع ما له من الرأى السديد فأعجب به الحكم المستنصر – رحمه الله – فولاه الشرطة
الوسطى بقرطبة , ثم أصبح صاحب السكة , ثم قدمه الى الأمانات بالعدوة
....


وظل محمد بن أبى عامر فى ترقى مستمر وبدأ بزوغ فجره ومن ورائه فجر
الأندلس كلها , حتى لازم الحكم المستنصر – رحمه الله – وأوكل اليه القيام على أمر
ولى العهد "هشام" بن الحكم المستنصر , فبذلك أصبح محمد بن أبى عامر فى منزلة رفيعة
جدا .


وكان محمد بن أبى عامر يصطنع الرجال من حوله ويمهد لنفسه وكان
يتخذ رجاله من البربر من أهل العدوة لخشونتهم وصلابتهم عند الحروب , ولكى يقوم
بالقضاء على الصقالبة ويدمر نفوذهم فيما بعد كما سيأتى.


المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 992597741
بقايا مدينة الزهراء فى أسبانيا ...


وبذلك أصبح محمد
بن أبى عامر من كبار رجال القصر وهو مازال فى العقد الثالث من عمره , وليس يضاهيه
فى منزلته إلا الحاجب – بمثابة رئيس الوزراء - جعفر المصحفىّ وقائد جيش الثغور غالب
الناصرىّ , وأصبح محمد بن أبى عامر حديث العامة فى قرطبة , فكان لا يمر يوم إلا وهو
فى زيادة ترقى , فكانت أيامه فى إقبال وتخبر عن سعده وبزوغ فجره وسطوع شمسه , فتمكن
حبه للناس وكان بابه مفتوح لهم على الدوام , وأفشى الأمن فى قرطبة بعدما ضجت العامة
من ضياع الأمن لكثرة اللصوص وتسلط الفتيان الصقالبة على العامة فقد ظهر وفشى ظلمهم
وبغيهم , حتى قضى عليهم محمد بن أبى عامر كما سيأتى بيانه إن شاء الله
.



وفاة الحكم المستنصر -ر حمه الله
:-


وتوفى الخليفة الحكم المستنصر – رحمه الله – فى قصره بقرطبة
بعدما أصيب بالفالج , وذلك فى عام 366هـ , بعد أن حكم الأندلس 16 عاماً كانت كلها
بركة وخير على المسلمين فى الأندلس , وولى من بعده ابنه "هشام" وهو ابن اثنتى عشرة
سنة 12 سنة !! وتسمّى وتلقب " هشام المؤيد بالله " , وكان وقتها بلغ محمد بن أبى
عامر 39 عاماً , فكان لابد من رجل يدبر أمره ويقوم على عمل الدولة وتدبير الخلافة
.


فتكون مجلس وصاية على الخليفة الصبىّ ويتكون من أكبر 3 رجال فى
الأندلس وقتها وهم :

1- الحاجب جعفر المصحفىّ
2-
قائد الثغور غالب الناصرىّ
3- قائد الشرطة وحاكم المدينة محمد بن أبى
عامر



عند وفاة الحكم المستنصر – رحمه الله – جاشت الروم وهاجت
حتى كادت تطرق أبواب قرطبة , ولم يحرك الحاجب جعفر المصحفى ساكناً خوفاً على منصبه
وتبعه فى ذلك غالب الناصرىّ قائد الثغور وكانت بينه وبين الحاجب جعفر المصحفى خلافة
قديمة وبغضاً وكراهية شديدة , فلم يقم أى منهما لنصرة المسلمين وتأديب النصارى
الذين هجموا على ثغور المسلمين .

قال ابن حيان ( ... وجاشت النصرانية بموت
الحكم وخرجوا على أهل الثغور فوصلوا إلى باب قرطبة ولم يجدوا عند جعفر المصحفي غناء
ولا نصرة وكان مما أتى عليه أن أمر أهل قلعة رباح بقطع سد نهرهم لما تخيله من أن في
ذلك النجاة من العدو ولم تقع حيلته لأكثر منه مع وفور الجيوش وجموع الأموال وكان
ذلك من سقطات جعفر فأنف محمد بن أبي عامر من هذه الدنية .. ) انتهى كلام ابن
حيان

فقام محمد بن أبى عامر بأخذ رجاله وطلب من جعفر المصحفى أن يمده
بالرجال والعتاد والمال اللازم للقيام بحملة لتأديب النصارى وليعلموا أن مازال
بالمسلمين شوكة ومنعة , وبالفعل قام المنصور بحملة عظيمة جدا فى الشمال وغنم من
السلاح والأموال الشيىء الكثير . وقفل راجعا الى قرطبة بعد 52 يوما من الغزو
والجهاد وكان يوزع المال فى طريق عودته الى قرطبة على الجند والعوام حتى تمكن حبه
فى قلوب الناس , واستبشروا به جدا . وكان وصياً على الصبى هشام المؤيد بالله , فقام
بإسقاط ضريبة الزيتون عن الناس , فسروا بذلك أعظم سرور , ونسب شأنها الى محمد بن
أبى عامر وأنه أشار الى ذلك , فأحبوه لذلك ثم يقول ابن عذارى فى "البيان المغرب " :


( ولم تزل الهمة تحذوه , والجد يحظيه , والقضاء يساعده , والسياسة الحسنة
لا تفارقه , حتى قام بتدبير الخلافة , وأقعد من كان له فيها إنافة , وساس الأمور
أحسن سياسة , وداس الخطوب بأخشن دياسة , فانتظمت له الممالك , وانضحت به المسالك ,
وانتشر الأمن فى كل طريق , واستشعر اليمن كل فريق , وأسقط جعفرا المصحفىّ , وعمل
فيه ماأراده ... ) انتهى كلام ابن عذارى

والتف المسلمون حول محمد بن أبى
عامر , فى الوقت الذى بدأت أيام الحاجب جعفر المصحفىّ فى الزوال , فقد أفل نجمه
وكورت شمسه ورغب الناس عنه , وأصبح يمشى وحيدا فى طرقات الزهراء بعد ان كان من قبل
كثيف الموكب وجليل الهيبة وكان الناس لا يستطيعون الى الوصول اليه لكثافة موكبه .
ثم أقدم محمد بن أبى عامر بالتحالف مع غالب الناصرىّ وتزوج ابنته "أسماء" وكان عرس
مشهود فى الأندلس كلها , وبدأت نكبة الحاجب جعفر المصحفىّ , فخلعه محمد بن أبى عامر
وأصبح الحاجب من بعده ..


المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 766802760
دينار هام يشمل اسماء الخليفة الحكم ابن الناصر، وصاحب السكة عامر
والحاجب جعفر المصحفي



فسبحان من يدبر الأمر وهكذا حال الدنيا
, فظلّ فى تلك المحنة حتى نكبه محمد بن أبى عامر وسجنه فى سجن المُطبّق فى الزهراء
حتى مات فى سجنه , وكان جعفر المصحفى يستعطف الحاجب محمد بن أبى عامر ويرسل له
أبياتا :

هبني أســـأت فأيـن العفـو والكرم *** إذ قادنـي نحـوك الإذعـان
والنـدمُ
يـا خـير مـن مـدت الأيـدي إليـه *** أمـا ترثي لشيــخٍ رمـاهُ عندك
القلـمُ
بالغت في السخط فاصفح مقتدر *** إن الملوك إذا ما استرحموا
رحموا


فما زاده ذلك إلا حنقا وحقدا, فكتب اليه :

الآن يـــا
جـــاهلا زلـــت بـــك القـــدم *** تـبـغي التـكــرم لمــا فـاتــك
الكـــرمُ
أغـــريـت بــي مـلكـا لـــولا تـثـبــته *** مــا جـــاز لـي عنــده
نـــطق ولا كلـــمُ
فايأس من العيش إذ قد صرت في طبق *** إن الملوك إذا مـا
استنقموا نقموا
نفــسي إذا سـخطــت لـيست براضيـــة *** ولـو تشفـع فيــك
العـــرب والعـجمُ

وحين جاء الأمر بسجن الحاجب جعفر المصحفىّ , ودّع أهله
وابنائه , ومن عجيب ما قاله جعفر المصحفى فى هذا الأمر أنه كان ينتظر هذا منذ 40
أربعين سنة , وذلك لأنه سجن أحد الناس ظلما فى سجن المُطبّق بالزهراء فقام السجين
وتضرع الى رب العالمين ودعا وقال فيما معناه : اللهم عليك بكل من ساعد فى سجنى ظلما
وأهلكه فى غيابات السجون ...

سبحن الله ... هذا يوم إجابة الدعاء وبالفعل
سُجن جعفر المصحفى فى سجن المُطبّق بالزهراء ومات فيه ....

وكان المؤرخون
يشبّهون نكبة المصحفيين – آل جعفر المصحفى – بنكبة البرامكة فى المشرق أيام هارون
الرشيد – رحمه الله - وهكذا بدأت شمس محمد بن أبى عامر تسطع على الأندلس , وبدأ عهد
جديد فى الأندلس , عهدٌ ما رأت الأندلس مثله ولا حتى أيام عبد الرحمن الناصر – رحمه
الله - إنه عهد الحاجب المنصور .....



عهد
الحاجب المنصور :-


تحجب محمد بن أبى عامر لهشام المؤيد بالله ,
وحجره فى قصره بالزهراء ومنع دخول الناس اليه وتصرف بالملك بنفسه واتخذ جميع مراسم
الملك , ونقش اسمه على السكة , وخطب له على المنابر , تلقب "بالمنصور" وأصبح يدعى (
الحاجب المنصور ) , وابتدأ معه عهد جديد للأندلس ما عرفت مثله من قبل
.


كانت من أول أعمال المنصور أنه نكب الصقالبة وأخرجهم من الزهراء بعدما
فشى ظلمهم وتوحدت كلمتهم بعد موت الحكم المستنصر – رحمه الله – وظنوا أن لا غالب
لهم , فاستبدل المنصور بهم البربر من أهل العدوة من زناتة وبنى برزال وغيرهم
واستكثر منهم جدا وأصبحوا هم أهل خدمته وزينة ملكه .


والحديث عن المنصور
بن أبى عامر مرتبط بالضرورة بالحديث عن جهاده وغزواته ضد الممالك النصرانية فى
الشمال , وسنفصل هذا لاحقاً إن شاء الله ...




وأما عنه هيبته وحزمه :-

كان رحمه الله حازما
شديد الهيبة , ماسمعنا أن أحدا من ملوك الإسلام قديما وحديثا من هو بمثل هيبته إلا
ماكان من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب – رحمه الله ورضى عنه , وفى ذلك يقول ابن
سماك العاملى فى كتابه "الزهرات المنثورة فى نكت الأخبار المأثورة " :



( انتهت هيبة المنصور بن أبى عامر وضبطه للجند واستخدام ذكور الرجال
وقوّام الملك الى غاية لم يؤتها ملكٌ قبله !! , فكانت مواقفهم فى الميدان على
احتفاله مثلا فى الزماته والإطراق , حتى أن الخيل لتتمثل إطراق فرسانها , فلا تكثر
الصهيل والحمحمة .... !!!! )


وكان لربما يتساهل فى أى أمر من الأمور
إلا التساهل فى أمر من أمور الدولة وما يتعلق بهيبة الدولة , وقد وصلت هيبته الى
ملوك النصارى فى الشمال فكانوا يهتزون ويرتجفون فرقا ورعبا من ذكر اسمه وكاد الواحد
منهم أن يهذى كالسكران اذا علم بقدوم المنصور بن أبى عامر اليه بجيش المسلمين لغزوه
... !!


أى رجل كان !! رحمه الله .....



أما عن دينه وورعه :-

فقد كان رحمه الله شديد
التدين , قمع أهل البدع وأقام السنة , وبلغه أن مكتبة الحكم المستنصر – رحمه الله –
بها كتب بعض الفلاسفة والملاحدة التى تنافى أصول الدين , وعلم بانتشار تلك الكتب
وكادت أن تفسد عقائد الناس فقام بحرقها والتخلص منها ولله الحمد والمنة , وفى هذا
يقول ابن عذارى فى كتابه (البيان المغرب .. ) :


( وكان المنصور أشدّ
الناس فى التغير على من عَلِمَ عنده شيىء من الفلسفة والجدل فى الاعتقاد والتكلم فى
شيىء من قضايا النجوم وأدلتها , والاستخفاف بشىء من أمور الشريعة , وأحرق ما كان فى
خزائن الحَكَم من كتب الدّهريّة والفلاسفة بمحضر كبار العلماء , منهم الأصيلىّ وابن
ذكوان والزبيدىّ وغيرهم , واستولى على حرق جميعها بيده ... ) انتهى كلام ابن
عذارى.


وكان شديد التعظيم للعلماء بدرجة كبيرة جدا , فقد ذكر النباهى فى
كتابه "المرقبة العليا" فى ذكره لترجمة العالم الجليل محمد بن يبقى بن زرب حين وفاة
الإمام :


( وأظهر ابن أبى عامر لموته غمّاً شديداً , وكتب لورثته كتاب
حفظ ورعاية انتفعوا به , واستدعى ابنه محمد , وهو طفلٌ ابن ثلاثة أعوام , فوصله
بثلاثة آلاف دينار , وألطافٍ قيمتها ما يناهز العدد المسمّى .....


وليس
ذلك من أفعال المنصور ببدع , فقد كان فى حسن معاملته للناس والوفاء لهم بمنزلةٍ لا
يقوم بوصفها كتابٌ , حتى يُقال إنه لا يأتى الزمان بمثله فى فضله , ولا طفرت الأيدى
بشكله ... ) انتهى كلام النباهى


الله أكبر , أرأيتم كيف يكون معاملة
الحاكم والأمير للعلماء , فلا ينكرون فضلهم ولا يستغنون عن مشورتهم بل ويمتثلون
أمرهم , وبهذا يكون النصر والتمكين ....


وايضا فيما ورد عن دينه وتواضعه
ما ذكره ايضا النباهى فى كتابه "المرقبة العليا" فى ترجمة الإمام محمد بن يبقى بن
زرب عند صلاة الاستسقاء فى قرطبة , وأخبر أنه صلى 10 مرات صلاة الاستسقاء فحضر معه
مرة المنصور بن أبى عامر فكان من أمره ما ذكره النباهى فى كتابه :


( حضر
معهم المنصور محمد بن أبى عامر استسقاءاً واحداً , ولبوسه ثيابٌ بيضٌ وعلى رأسه
أُقرُفُ وشْىٍ أغبر , على شكل أهل المصايب بالأندلس قديماً , قد أبدى الخشوع , وهو
باكٍ ودموعه تسيل على لحيته : فتقدم الى جناح المحراب عن يمين الإمام , وقد كان
فُرش له هنالك حصيرٌ ليُصلّى عليه , فدفعه برجله وأمر بنزعه وجلس على الأرض , وشهد
الاستسقاء !!! ) انتهى كلام النباهى


الله أكبر , هذه والله هى العزة
والكرامة , فإذا خشع الحاكم والأمير استجلب معه رحمات الله , كما قال الإمام المنذر
بن سعيد حين أخبروه بأن الخليفة عبد الرحمن الناصر يبكى بكاء مريرا من الخشوع
والخشية ويبتهل الى الله بنزول المطر , فقال المنذر بن سعيد – رحمه الله - : أبشروا
.. اذا خشع جبار الأرض رحم جبار السماء !!

المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 11477874
جامع قرطبة فى اسبانيا , وقد بنيت بداخله كاتدرائية
للنصارى وتحول الباقى الى متحف !!




وقد أخبر ابن حيان فى
كتابه عن المنصور بن أبى عامر :

( وكان متسماً بصحه باطنه , واعترافه بذنبه
, وخوفه من ربه , وكثرة جهاده ,واذا ذُكّر بالله ذكر , واذا خُوّف من عقابه ازدجر
... )


وقال ابن خلدون مخبرا عن المنصور بن أبى عامر :
( أرخص
للجند فى العطاء وأعلى مراتب العلماء وقمع أهل البدع , وكان ذا عقل ورأى وشجاعة
وبصر بالحروب ودين متين .. )


هكذا كان حكامنا وعلاقتهم مع الله , وما
ارتبط اسم أحد من عظماء المسلمين بالعزة والمجد إلا ووجدته له حال عجيب مع الله
سبحانه وتعالى , وهذا من سنن الله فى الكون , من استمسك بالله وجبت له العزة
والتمكين .


بل أن المنصور – رحمه الله – اختط بيده مصحفاً كان يحمله
معه فى غزواته ويقرأ فيه ويتبرك به !!! , وكان يحمل معه أكفانه وكان أمنيته التى
يدعوا الله بها دائما أن يتوفاه الله وهو فى طريقه للغزو والجهاد !! , والحديث عن
جهاد المنصور يطول جدا لذا قمت بإختصاره كما سيأتى إن شاء الله ...


وكان
المنصور بن أبى عامر على مذهب الإمام مالك على عادة أهل الأندلس وقتها وقد أمر
المنصور الفقيه المشهور أبو مروان القرشى المعيْطى والفقيه أبو عمر أحمد بن عبد
الملك المعروف بابن المكوى أن يجمعوا كتابا فيه أقاويل الإمام مالك بن أنس – رضى
الله عنه - وروايات أصحابه عنه لينتفع به علماء المسلمين !!


وذكر ابن
سماك العاملى فى كتابه "الزهرات المنثورة" , وذكرها ابن الآبار فى "إعتاب الكتاب"
وغيرهما , قال خلف بن حسين بن حيان , وهو والد أبى مروان ابن حيان صاحب كتاب "نفح
الطيب" وكان أبوه من كتاب المنصور بن أبى عامر , فأخبر عن نفسه وقال
:


( بكّتنى المنصور محمد بن أبى عامر يوماً على ما أنكره منى تبكيتاً
بعث من فزعى ما اضطربت منه , فلما أخلى مجلسه قال لى :
رأيت من فزعك وشدة روعك
ما استنكرته منك , ومن وثق بالله برىء من الحول والقوة لله , وإنما أنا آلة من آلات
الله تعالى , أتصرف بمشيئته وأسطو بقدرته وأعفو عن إذنه , ولا أملك لنفسى إلا ما
أملك من نفسى لسواى , فطأمن جأشك وأزل عنك روعك , فإنما أنا ابن امرأة من تميم
طالما تقوتت بثمن غزلها , أغدو به الى السوق وأنا أفرح الناس بمكانه , ثم جاء من
أمر الله ما تراه , ثم قال : يابن حيان , إن أفضل الناس غراسا من غرس الخير , وإن
أفضل السلطان غراسا ما أثمر فى الآخرة , ومن أنا عند الله تعالى لولا عطفى على
المستضعف المظلوم وقصمى للجبار الغشوم اللاهى عن حقوق ربه بفسوقه ودنسه ..



هكذا كان تواضعه واعترافه بفضل ربه عليه ...
!!!




أما عن عدله فى الرعية
:-


كان رحمه الله عادلاً يكره الظلم والبغى , وكان لا يستهين
بأمر الظالم , بل لربما أمر بتغليظ العقوبة عليه ليرتدع أهل الشرور وكان لا يقبل
شفاعة أحد أبداً ولو كان من المقربين اليه , بل وإن كان من أهله ...
!!


ومن أروع الأمثلة التى ضربها المنصور بن أبى عامر فى العدل وعدم
الرفق بأهل الغدر والظلم , ما حدث مع ابنه عبد الله بن المنصور بن أبى عامر حين لجأ
الى ملك ليون وأراد أن يساعده فى الخروج على أبيه وشق عصا الطاعة وعزل أبيه , فكان
ماكان من المنصور إلا أن أمر ملك ليون بتسليم ابنه , فسلمه ابنه عبد الله , وقام
بضرب عنقه جزاء خيانته , ولم تأخذه به رأفة ولا رحمة !!!!


وله بذلك
القصص المشهورة والأحاديث المنثورة التى سارت بها الركبان وتسامر بها الرجال فى
مجالسهم , ومنها ما ذكره ابن حيان فى كتابه :


( وأما عن عدله أنه وقف
عليه رجل من العامة بمجلسه
, فنادى : ياناصر الحق , إن لى مظلمة عند ذلك الوصيف
الذى على رأسك , وأشار الى الفتى صاحب الدرقة , وكان من المقربين الى المنصور بن
أبى عامر , ثم قال : وقد دعوته الى الحاكم فلم يأتِ – لمكانته عند المنصور - , فقال
له المنصور وقد اشتد غضبه : أوَ عبد الرحمن بن فطيس – القاضى - بهذا العجز والمهانة
!! , وكنا نظنّه أمضى من ذلك ؟ ثم وجه كلامه للقاضى وقال له :يا عبد الرحمن , أعجزت
أن تأخذ العدل , أوَ كنت مهانا فلم تصل اليه !! , ثم قال للمظلوم : اذكر مظلمتك
ياهذا , فذكر الرجل معاملة كانت جارية بينهما فقطعها من غير نَصَفٍ , فقال المنصور
: ما أعظم بليتنا بهذه الحاشية , ثن نظر الى الصقلبىّ وقد ذُهل عقله – أى الفتى –
فقال له : ادفع الدرقة الى فلان , وانزل صاغرا – ذليلا – وساو خصمك فى مقامه حتى
يرفعك الحق او يضعك !!

ففعل ومثل بين يديه , ثم قال لصاحب شرطته الخاص به :
خذ بيد هذا الفاسق الظالم وقدمه مع خصمه الى صاحب المظالم لينفذ عليه حكمه بأغلظ ما
يوجبه الحق من سجن أو غيره ..

ففعل ذلك , وعاد الرجل اليه شاكراً , فقال له
المنصور : قد انتصف أنت , اذهب لسبيلك , وبقى انتصافى أنا ممن تهاون بمنزلتى ..
فتناول الصقلبىّ بأنواع من المذلة , وأبعده عن الخدمة ... ) انتهى كلام ابن
حيان


المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 973710602
دينار ضرب عام 377 في عهد الحاجب المنصور



ومن
ذلك أيضا ما رواه ابن حيان فى كتابه :


( ومن ذلك قصة فتاه الكبير
المعروف "بالبورقى" – اسم الفتى – مع التاجر المغربى , فإنهما تنازعا فى خصومة
توجهت فيها اليمين على الفتى المذكور , وهو يومئذ أكبر خدم المنصور , واليه أمر
داره وحرمه , فدافع الحاكم وظن أن جاهه يمنع من إحلافه ..

فصرخ التاجر
بالمنصور فى طريقه الى الجامع متظلما من الفتى , فوكل به فى الوقت من حمله الى
الحاكم , فأنصفه منه , وسخط عليه المنصور , وقبض نعمته منه ونفاه .. ) انتهى كلام
ابن حيان

ومواقف المنصور بن أبى عامر فى عدله كثيرة ولكن أكتفى بما ذكرته
آنفا , حتى لا أطيل ...

أما عن جهاده وغزواته


لا أجد كلمات أوصف بها حب المنصور بن أبى عامر للجهاد
والغزو فى سبيل الله , يكفى أن تعلموا أن المنصور بن أبى عامر قاد جيوش المسلمين
الى النصر والفتح فى زهاء 54 غزوة ومعركة , فلم يهزم فى واحدة منها قط !! , وكان
يأمر غلمانه بتنظيف ثوبه وأخذ ما علق به من غبار المعارك والغزوات وأمر أن تدفن معه
فى قبره لتكون شاهد له عند الله يوم القيامة بجهاده فى سبيله !!

ووصل بجيوشه
الى أماكن لم يفتحها المسلمون من قبل من أيام طارق بن زياد وموسى بن نصير , وبلغت
الأندلس فى عهده من العزة والمجد والتمكين الى درجة لم يبلغها حاكم قبله ولا بعده
!!

وقال عنه الفتح بن خاقان فى كتابه (مطمح الأنفس ومسرح التأنس فى ملح أهل
الأندلس) إنه تمرّس ببلاد الشرك أعظم تمرّس , ومحا من طواغيتها كل تعجرف وتغطرس
, وغادرهم صرعى البقاع , وتركهم أذل من وتدٍ بقاع , ووالى على بلادهم الوقائع ,
وسدّد الى أكبادهم سهام الفجائع , وأغصّ بالحِمام أرواحهم , ونغّص تلك الآلام
بكورهم وروَاحهم ... ) انتهى كلام الفتح بن خاقان


فقد كان رحمه الله
أعجوبة دهره وأوحد زمانه , له فى كل عام غزوتان "الصوائف والشواتى" , كان يهتم جدا
بالناحية العسكرية فى دولته حتى لكم أن تعلموا أن عدد الفرسان فى الجيش المرابط
(الثابت) وصل الى 112.000 اثنى عشر ألف ومائة فارس من سائر الطبقات , جميعهم مدونون
فى الديوان وتصرف لهم النفقات والأعطية والهبات , وبلغ عدد المشاة الى 26.000 ستة
وعشرين ألف راجل , وتتضاعف تلك الأعداد فى الصوائف بسبب كثرة المتطوعين حتى أنها
وصلت الى مائة ألف 100.000 من المشاة !!


المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 124685185
جيوش المسلمين بقيادة الحاجب المنصور



حتى أنه من كثرة قوى الجيش النظامية أصدر مرسوما عام 388هـ بإعفاء
الناس من إجبارهم على الغزو , اكتفاء بعدد الجيش المرابط , وقرأ الخطباء على الناس
ذلك المرسوم وفيه : " بأن من تطوع خيراً فهو خير , ومن خف اليه فمبرور ومأجور , ومن
تثاقل فمعذور " , فسُرّ لذلك الناس سرورا بالغاً .


وكانت له سُنّة فى
غزواته وهى أن يحمل النصارى بأنفسهم الغنائم الى قرطبة إمعانا فى ذلهم وتدميرا
لكيدهم . وكانت جميع الممالك النصرانية فى الشمال تدفع للمسلمين الجزية عن يدٍ وهم
صاغرون ...


دمّر المنصور بن أبى عامر جميع الممالك النصارانية المتواجدة
فى شمال الأندلس تدميرا بالغاً , كانت غزواته فى الممالك النصرانية كالصاعقة
والعاصفة المدمرة التى لا تبقى ولا تذر , فكم من قلوع وحصون للنصارى سواها بالتراب
, وكم من ملوك وقواد للنصارى هلكوا على يد المنصور بن أبى عامر !!


فكان
رحمه الله هو الذى ثأر لهزيمة المسلمين أيام الخليفة عبد الرحمن الناصر – رحمه الله
– فى معركة الخندق أمام قلعة سمّورة المنيعة جدا , ففى اثناء حكم الحاجب المنصور
ثارت القوط وتحركت وقامت بأعمال تخريبية فى مدن المسلمين وقتلوا من المسلمين خلقا
كثيرا وكان يمتنعون من المسلمين دوما فى قلعة سمّورة الحصينة والتى هى أمنع حصون
النصارى فى الشمال , فقام المنصور عام 371هـ بحملة عسكرية كالصاعقة على القوط فى
تلك القلعة واستطاع ان يدمرها ويقتحمها وفتك بحاميتها من النصارى , فهرب أهلها الى
قلعة قريبة تسمى "سانت مانس" فدخل عليهم المنصور ودمرها فأصبح الطريق الى مدينة
ليون العاصمة مفتوحا وسائغا , ولكنه لم يدخل ليون هذا العام لشدة البرد وقتها
وتساقط الثلوج فى تلك المناطق .


وفى عام 373هـ قام المنصور بغزوة "ليون
الكبرى" حيث قاد الحاجب المنصور الجيوش ووصل الى مدينة ليون عاصمة اقليم جيليقية
وحاصرها حصاراً شديدا , فجاء اليها المدد من كل مكان لأهميتها وقدسيتها للنصارى ,
فوصل مدد من إفرنسة "فرنسا" بشكل خاص ولكنه استطاع فى النهاية ان ينزل الهزيمة على
الفرنجة والنصارى ودخل عاصمتهم وخرب قلاعها وحصونها وساق منها 3 آلاف أسير وأمر أن
يرفع الآذان فى جنبات ليون لأول مرة بعد أن سقطت لأول مرة منذ الفتح الإسلامى الأول
....


المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 134005644
الأندلس فى عهد الحاجب
المنصور



وفى عام 374هـ أعاد فتح برشلونه فى أقصى شمال الأندلس
وهزم الفرنسيين شر هزيمة وضمها مرة أخرى للمسلمين , بعد ان سقطت فى أيدى الفرنجة من
الفرنسيين بعد فتحها على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير أيام الفتح
الأول.


ولم تقتصر منطقة نفوذ الحاجب المنصور على الأندلس فقط , بل سيطر
على شمال المغرب سيطرة تامة وخضعت لسلطانه , بعد أن ثار البربر من أهل العدوة على
الحسن بن كنّون نائب الخليفة الفاطمىّ العبيدىّ على المغرب واستطاع هذا الرجل ان
يجمع حوله الأنصار من البربر وثارت القلاقل والفتن فى المغرب , فلم ينتظر الحاجب
المنصور أن تكبر الفتنة , بل أرسل ابن عمه عمرو بن عبد الله على رأس جيش لمحاربة
الحكم الفاطمى العبيدى الشيعى وإخراجهم من المغرب , ثم أرسل جيشا آخر بعد ذلك
بقيادة ابنه عبد الملك الظفر بن المنصور بن أبى عامر ودخل فاس , واستقر أمر المغرب
للمنصور , فبلغت الأندلس فى عهده أقصى اتساع لها !!


وفى عام 379هـ ثار
عبد الله بن المنصور على أبيه الحاجب المنصور إذ كان يحكم مدينة "سانت استيفان"
ولجأ الى بلاد البشكنش - اقليم الباسك حالياً - فطلب المنصور من "غرسيه" حاكم
البشكنش بتسليم ابنه فرفض "غرسيه" فقام المنصور بحملة عسكرية قوية على بلاد البشكنش
ودام القتال أياما وكان قتالا مروعا حتى أنزل الله النصر على المسلمين وأيدهم بجنود
من عنده وجعل كلمة الذين كفروا السفلى , وهُزم البشكنش مما اضطر غرسيه الى قبول
الصلح وتسليم عبد الله بن المنصور الى أبيه ومعه كل من ساعده من المسلمين , فقام
المنصور بضرب أعناقهم جميعا بما فيهم ابنه عبد الله !!



المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 758129064
غزوات المنصور - الأسهم السوداء


ومن أهم وأعظم معارك
المنصور على الإطلاق والتى هى بمثابة غرة المعارك الإسلامية فى جزيرة الأندلس , هى
معركة "شنت ياقب" – سانت يعقوب - حيث وصل الى أقصى بلاد جيليقية الى حيث لم يصل
مسلم من قبل , ومدينة – سانت يعقوب - تمثل العاصمة الروحية الدينية لنصارى أوربا
قاطبة , وكعبة النصرانية وتأتى أهيمتها بعد بيت المقدس ورومية – روما - عندهم ,
فبها قبر يعقوب الحوارىّ ويزعمون أنه كان من أخص حوارىّ عيسى – عليه الصلاة والسلام
– وكان قبره بمثابة الكعبة عندهم – وللكعبة المثل الأعلى – ويفدون اليه من رومية
وشرق أوربا ومن كل مكان .


المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 125029778

كنيسة شنت ياقب - sandiago - فى أقصى شمال غرب
أسبانيا



وقد قاموا ببناء كنيسة ضخمة جدا على هذا القبر وكانوا
يحجون اليه من كل مكان كما ذكرنا . وكانت تلك البلاد هى أمنع بلاد النصارى فى
الأندلس لوعورة طرقها وخطورة مفاوزها وصعوبة اجتيازها بالجند . ولم يفكر أحد من
قادة المسلمين من أيام طارق بن زياد أن يقصد تلك المنطقة الجبلية الوعرة
.


فقصد المنصور بن أبى عامر تلك البلاد لسببين رئيسيين ذكرهما د.
محمد عبد الله عنان فى كتابه (دولة الإسلام فى الأندلس ) وهما :







عدل سابقا من قبل كنوز2000 في الأحد يونيو 13, 2010 11:50 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كنوز2000
.
.
كنوز2000


عدد المساهمات : 1276

المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Empty
مُساهمةموضوع: رد: المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !!   المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأحد يونيو 13, 2010 11:43 am

ومن أعظم مناقبه كذلك وهى الزيادة والتوسعة التى وسعها فى جامع قرطبة العظيم الذى
لم يبنى مثله فى الإسلام !! , فأضاف اليه مثل مساحته تقريبا , وكان يرسل أسرى
النصارى للعمل فى البناء , وكان المنصور يشترك بنفسه أحيانا فى أعمال البناء ,
وكانت تلك هى أضخم وآخر التوسعات التى تمت لجامع قرطبة , فشرع فى البناء عام 387هـ
واشترى المنصور البيوت والأملاك الواقعة ضمن منطقة التوسعة وحرص على إنصاف أصحابها
, وتضاعف حجم الجامع جدا , وبلغ عدد سوارى المسجد ما بين كبيرة وصغيرة الى ألف
وأربعمائة وسبعة عشرة 1417 سارية – عمود - , وبلغت كذلك عدد الثريات مابين كبيرة
وصغيرة الى مائتان وثمانون 280 , وعدد الكؤوس سبعة آلاف وأربعمائة وخمس وعشرون كأسا
7425 , وكان يخدم الجامع من أئمة ومقرئين وأمناء ومؤذنين وسَدَنة ومُوقدين – يوقدوا
الشموع والمصابيح للإنارة – وغيرهم أكثر من مائة وتسعة وخمسون 159 شخصاً , وفى
رمضان يُوقد العود والطيب فى جميع أنحاء الجامع ......


ومن أهم مناقب
المنصور هو عمله على إذلال الممالك النصرانية فى الشمال والعمل على تأديبهم المستمر
حتى لا يفكروا إلا فى طلب ود وجوار المسلمين , ومن أجل ذلك أرسل ملك قشتالة "شانجة"
ابنته جارية عند المنصور فى قرطبة لينال رضاه !!


وعندما جاء الى قرطبة
بعد هزيمته مع المسلمين , وأثناء مروره بين صفوف العسكر والجند وأهل الخدمة انخلع
قلبه من الرهبة والهيبة حتى ارتعدت فرائصه , ودخل مجلس المنصور فما إن وقعت عينه
على المنصور بن أبى عامر حتى هوى على الأرض من فرط هيبيته وقبّل قدم المنصور ويده
!!!


أى عزة هذه بالله عليكم !!!


اللهم أعد
لنا عزتنا واكتب لنا النصر والتمكين
!!


قطوف من أخبار المنصور ومآثره
:-



الراية المنسية
:


كان كلما غزا المنصور غزوة أخذو جنوده الرايات فيثبتونها على
الأماكن العالية ثم يأخذونها حين يرحلون , وفى أحد الغزوات نسى أحد الجنود راية على
أعلى التبة بين الحصون والقلاع بعدما فر أهلها وهرب جنود النصارى بين الشعاب
والجبال , ورحل المسلمين ونسوا تلك الراية , فظل النصارى يرمقون تلك الراية فى رعب
شديد وهم يظنون أن المسلمين مازالوا هناك ,وظلوا على ذلك زمن حتى علموا برجوع
المسلمين منذ زمن !!

هكذا كانت العزة ..... راية واحدة منسية أرعبت جنود
النصارى وعاشوا من أجلها فى ذعر ورعب وهلع !!


المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 840292052
توسعة وزيادة المنصور لجامع قرطبة باللون البنى فى
يمين الصورة




هذا طليق الله على رغم
أنف ابن ابى عامر :

عُرض على المنصور بن أبى عامر يوما اسم أحد
خدّامه ممن قد طال سجنه , وكان شديد الحقد عليه . فوقّع على اسمه أنه لا سبيل الى
إطلاقه ابداً ويظل فى السجن الى أن يتوفاه الله , وعرف هذا الخادم ما وقّع عليه
المنصور بن أبى عامر , فاغتم لذلك غما شديدا وأخذ يتوسل الى الله ويتضرع اليه ,
فجاء المنصور بن أبى عامر الأرق ولم يستطع النوم من أجل ذلك , وكان كلما حاول النوم
آتاه رجل كريه الوجه عنيف الكلام يأمره أن بإطلاق الرجل ويتوعده , وظل المنصور على
ذلك زمن لا يستطيع أن ينام بسبب ما يأته فى منامه , حتى علم المنصور أن هذا نذير من
ربه فأخذ رقعة ودعا بالدواة فى مرقده وعلى فراشه فكتب : هذا طليق الله على رغم أنف
ابن أبى عامر ..!!!

وظل الناس يتحدثون بهذا زمانا
....




الأسيرة
:


أرسل المنصور يوما رسولا الى بلاد البشكنش "اقليم الباسك
حاليا" فى وقت السلم والمعاهدة , وكان من شروط المعاهدة أن لا يبقى أسير مسلم فى
بلاد النصارى , عندما وفد هذا الرسول الى تلك البلاد استقبله ملكها أحسن استقبال
وأكرمه وأحسن ضيافته , وسمح له أن يتجول فى بلده كما يحب , فدخل أحد أكبر كنائسهم
وإذا هو بالداخل إذ وجد امرأة قد أقبلت عليه وقالت له : أيرضى المنصور أن ينسى
بتنعمه بؤسها !! , وأخبرته أنها أسيرة فى تلك الكنيسه ومعها امرأتين من المسلمين
كذلك ومضى لهن سنين طويلة فى تلك الكنيسة , واستحلفته أن يخبر المنصور بشأنها
..


وعاد الرسول الى المنصور فى قرطبة يخبره بنتائج الزيارة وحكى له عن
تجواله فى أراضى المملكة , فقال له المنصور : هل وقفت هناك على أمر أنكرته , أم لم
تقف على غير ما ذكرته ؟ , فأخبره بقصة المرأة , فغضب المنصور وعاتبه ولامه وارتفع
صوته على أنه لم يبدأ بها كلامه !!
فأصبح المنصور غازيا من فوره وجهز الجيوش ولم
تطلع الشمس إلا والمنصور والمسلمين على ظهور خيولهم متوجهين الى بلاد البشكنش , لأن
وجود تلك المرأة المسلمة الأسيرة مخالفة صريحة جدا لما اتفقوا عليه
...


وأقسم المنصور أنه لا يرجع عن أرضه حتى يكتسحها – اى الكنيسة – وجن
جنون الملك عندما علم بقدوم المنصور بن أبى عامر وأرسل له يخبره أنه لم ينقض عهدا
ولم يشق عصا الطاعة أنه على طاعة المنصور والمسلمين ابدا , فاستقبل المنصور رسل
"ابن شانجة" – ملك البشكنش – أسأ استقبال وعنفهم وأخبرهم : أنه عاقدنى على ألا يبقى
ببلاده مأسورة أو مأسور , وقد بلغنى بعدُ بقاء فلانة المسلمة فى تلك الكنيسة وواله
لا أنتهى عن أرضه حتى أكتسحها !!


فأرسل الملك يخبره أنه كان لا يدرى
بوجود تلك الأسيرة وأن أحد قواده هو من قام بأسرها , ثم أرسل له الملك يسترضيه
ويستعطفه حتى أنه أخبره : أنه قد بالغ فى هدم الكنيسة – اى سواها بالتراب – وهنا
توقف المنصور وأخذ المرأة وجلس معها وطيب خاطرها وأرسلها الى أهلها فى قرطبة ومعها
الأسيرتيْن ......

وكأنى بهؤلاء النسوة الثلاث كدن أن يهلكن من شدة الفخر
والسعادة والإباء , عندما شعروا بأن جيش المسلمين كله قد خرج من أجلهن وفى سبيل
نصرتهن !!!

أين أنت ايها الحاجب المنصور الآن ...



المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 1254132
جامع قرطبة وسط
الثليج




لقد طابت لنا العيشة هنا :
ذكرها د/طارق السويدان فى كتابه "الأندلس التاريخ المصور"


فى
إحدى غزوات المنصور لبلاد البشكنش دخل فيها فى أعماق بلادهم وتوغل فى أرضهم حتى صار
وراء الجبال , فأخذ النصارى يسدون طريق العودة أمام المنصور وجيشه كمنوا له بين
جبلين كان سيمر بينهما المنصور وجنوده , ومن أصعب أنواع القتال هو القتال فى ممر
ضيق جدا , فماذا فعل المنصور !!


لم يقاتل ولم يقتحم الممر , بل اختار
مدينة قريبة من ذلك المكان , فنزلها ووزع جنوده فى أرجائها , يعملون ويحرثون
ويبيعون ويشترون ويقوم بكل متطلبات الحياة فيها , وبعث الحاجب المنصور الجند
بالسرايا يمينا وشمالا يقتلون ويأسرون ويغنمون , حتى ضج القوط النصارى من غاراتهم ,
وأرسلوا اليه ان اعبر المضيق أنت وجنودك , إلا أن المنصور رفض قائلاً : لقد طابت
لنا المعيشة هنا وإن هذه البلاد جميلة يطيب سكناها وسأبقى الى السنة القادمة لأغزو
فى الصيف القادم إن شاء الله !!


وكان جنده يأتون بقتلى النصارى منهم ومن
القرى فى السرايا والغارات ويلقونها أمام الوادى حتى ضج سكان المنطقة الى الذين هم
فى الوادى ان دعوه يعبر , فأرسلوا اليه ثانية بذلك الى الحاجب المنصور الذى قبل أن
يمر عبر المضيق برجاله بشرطين :

1- أن يحمل النصارى ما معه من
الغنائم والأسلاب على دوابهم أمامه !!
2- وان يقوموا هم بإزالة الجثث التى
ألقاها على الطريق بفم الوادى



المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! 892963987
دينار من عام 390 وواصل عامر كتابه اسم الخليفة هشام واسمه الخاص على
وجه, ولا الله الا الله على الوجه الاخر




الملك لا ينام اذا نامت الرعية :

كان المنصور بن
أبى عامر كثير السهر جدا حتى أن أحد خدمه اسمه "شعلة" قال له فى ليلة : قد أفرط
مولانا فى السهر , وبدنه يحتاج الى أكثر من هذا النوم , وهو أعلم بما يحركه عدم
النوم من علّة العصب , فقال المنصور :
يا شعلة ,
الملك لا ينام اذا نامت الرعية , ولو استوفيت نومى لما كان فى دور – بيوت – هذا
البلد العظيم عين نائمة ....



هكذا كان حرصه على دولة المسلمين
واهتمامه بشؤونها !!


ومآثر المنصور لا تحصى ومناقبه وأخباره كثيرة ولكن
حتى لا أطيل أكتفى بذكر ما سبق ...



وفاة
المنصور بن أبى عامر :-



أما آن هذا الجسد أن يستريح
!!

حكم المنصور بن أبى عامر الأندلس زهاء 27 سنة , وغزا أكثر من 54 غزوة لم
يهزم فى واحدة قط !! , كانت كلها عز للإسلام والمسلمين حتى قال عنه ابن الخطيب فى
كتابه "اعمال الاعلام " :

( وعلى الجملة , فكان نسيج وحده فى صقعه , وقلّ أن
يسمع بمثله فى غيره ... )


انصرف المنصور بن ابى عامر الى الغزو عام
392هـ (1002م) فسلم وغنم كعادته وكان عمره وقتها ناهز 65 عاماً , ووجد فى نفسه خفة
وعلم بدنو الأجل , فأحضر جماعة بين يديه وهو كالخيال لا يبين الكلام وأكثر كلامه
بالإشارة كالمسلم المودع , وأوصى ألا يحمل فى تابوت , وأمر أن يدفن مكان موته وكان
وقتها فى مدينة الثغر المنيع "مدينة سالم" فأمر أن يدفن رحمه الله فى صحن قصره
بمدينة سالم وأمر أن يدفن معه غبار المعارك حتى تشهد له أمام الله بجهاده , وأمر أن
يكفن بتلك الأكفات التى كان يحملها معه دائما فى المعارك وهى أكفان صنعت من غزل
بناته واشتريت من خالص ماله الموروث .......


وفى ليلة الاثنين 27 رمضان
من عام 392هـ / 11 أغسطس 1002م فاضت روح المنصور محمد بن أبى عامر الى بارئها
....



ونقشت على قبر المنصور محمد بن أبى عامر تلك الأبيات
:


آثـــاره تنبيــك عــن أخبــاره **حتـى كأنـك
بالعيـان تـراهُ
تالله لا يأتي الزمان بمثله **أبدًا ولا يحمي الثغور
سواهُ



وظل قبر المنصور بن أبى عامر معروفا فى مدينة سالم حتى بعد
أخذ النصارى تلك المدينة واحتلوها , وقد أوصى لسان الدين ابن الخطيب احد طلابه حين
كان ذاهبا الى هناك لتأكيد عقد الصلح مع ملكها أن يزور قبر المنصور بن أبى عامر ,
وأخبره الطالب عند عودته أنه رأى قبر المنصور إلا أن رسومه من شعر منقوش وتاريخ
مثبوت قد عفت ومحيت آثارها وكان هذا ما بين عامى 1361 – 1370م


وظلت
سيرة المنصور بن أبى عامر مصدر عز وفخر ومجد للمسلمين حتى بعد هزيمتهم وأيام ملوك
الطوائف , حتى أن مولى المستعين بالله ابن هود (دويلة بنى هود ) يقول
:


لما توجهت الى ألفونسو وجدته فى مدينة سالم وقد نصب على قبر المنصور
بن أبى عامر سريره , وامرأته متكئة الى جانبه , فقال لى : ياشجاع – اسم المولى –
اما ترانى قد ملكت بلاد المسلمين وجلست على قبر مليكهم ؟ قال : فحملتنى الغيرة أن
قلت له : لو تنفس صاحب هذا القبر وأنت عليه ما سمع منك ما يكره سماعه ! ولا استقر
بك قرار ... , فهمّ بى , فحالت امرأته بينى وبينه , وقالت : صدقك فيما قال , أيفخر
مثلك بمثل هذا ؟






تم بحمد الله .....

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الاستاذ ابراهيم
.
.
الاستاذ ابراهيم


ذكر
عدد المساهمات : 3855
تاريخ الميلاد : 16/11/1967
العمر : 57

المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Empty
مُساهمةموضوع: رد: المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !!   المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالسبت سبتمبر 11, 2010 1:43 am

بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ربعي بن عامر
» أبو عبيدة عامر بن عبدالله
» أويس بن عامر بن جزء بن مالك
» الصحابي عامر بن شراحبيل
» سعيد بن عامر ( العظمة تحت الأسمال )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر :: علوم وثقافة :: الطلبات والبحوث المدرسية-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت حجة الوداع
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأحد يناير 31, 2016 4:20 pm من طرف fatiha

»  امتحانان تجريبيان لغة + رياضيات+ فرنسية مع التصحيح س 5
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالسبت مارس 28, 2015 3:42 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ عبد الرزاق زروقي حول الدوال العددية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 10:20 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ بك علي حول الهندسة الفضائية للسنة الثالثة ثانوي بكالوري
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 10:18 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ حول الدوال الأسية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:58 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ بك علي حول الدوال للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:56 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» تمارين من إعداد الأستاذ بك علي حول الأعداد المركبة والتحويلات النقطية ثالثة ثانوي
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:54 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» تمارين تطبيقية رائعة حول الدالة الأسية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:52 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» 28تمرين و 14 مسائل في الدالة االوغاريتمية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:50 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» مطويات كليك ملخصة لدروس الرياضيات للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:47 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» 18تمرين و 10 مسائل في الدالة الأسية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:44 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ عبد الرزاق زروقي حول دراسة خصائص المنحنيات
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:41 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» الوحدة3:فعل الأرض على جملة ميكانيكية
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأحد مارس 08, 2015 4:23 pm من طرف fatiha

» حلول تمارين الكتاب المدرسي رياضيات أولى ثانوي علوم + آداب
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالجمعة مارس 06, 2015 1:05 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» إجابة العمل المخبري2:قياس قيم أفعال مختلغة
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالسبت فبراير 28, 2015 3:32 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» اين انتم ياااااااااساتذة؟؟؟
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالسبت فبراير 28, 2015 3:30 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» عمل مخبري2:قياس قيم أثقال مختلفة
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالسبت فبراير 28, 2015 3:29 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» الدارة الكهربائية
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالإثنين فبراير 09, 2015 3:49 pm من طرف fatiha

» التوتر والتيار الكهربائيان المتناوبان
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالأربعاء يناير 28, 2015 7:31 pm من طرف fatiha

» الاختبار الثاني في مادة التربية الإسلامية
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Icon_minitimeالثلاثاء يناير 27, 2015 3:56 pm من طرف لحن الامل

لايك وفلاو
المنصورُ بن أبى عامر .... أسطورةٌ لن تتكرر !! Fb110
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر على موقع حفض الصفحات
سحابة الكلمات الدلالية
شاملة متوسط والتربية لدروس ملخصات التاريخ مقترحة للسنة المدنية مواضيع الرابعة والجغرافيا