هل يثبت للعصر سنة السؤال:ياشيخ: السلام عليكمهل يستحب قبل صلاة العصر سنة معينة راتبة.الجواب:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.الحمد لله. فقد استحب طائفة من الفقهاء التنفل بأربع ركعات بتسليمتين قبل صلاة العصر مستدلين بحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعا). رواه أحمد والترمذي.
والذي يظهر أنه لا يشرع لصلاة العصر سنة خاصة من التزام عدد معين والمواظبة عليها كسائر السنن الرواتب لأن هذا الخبر لا يصح لأنه من رواية محمد بن مسلم بن مهران عن جده عن ابن عمر وهو منكر الحديث وقد عد ابن عدي هذا الحديث من مناكيره ، وقد أعل ابن أبي حاتم الحديث بمخالفة متنه للمحفوظ عن ابن عمر في السنن الرواتب المخرج في الصحيحين وهذا من دقيق فهمه رحمه الله.
وجاء في رواية النسائي لحديث أم حبيبة تعيين سنة العصر ركعتين قبلها ولكن هذه الرواية غلط والمحفوظ ركعتان بعد العشاء كما في رواية الترمذي لموافقتها للمحفوظ في هذا الباب وليست نافلة العصر من السنن الرواتب. وكذلك ما ورد من الأحاديث في هذا الباب لا يصح منها شيء ولا تصلح للعمل بها والأحاديث الصحيحة في باب السنن لم تذكر سنة قبل العصر ولم ينقل من اعتنى من الصحابة في نقل تطوع النبي صلى الله عليه وسلم كعائشة وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها قبل العصر. وعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مغفل المخرج في الصحيحين: (بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة ثم قال في الثالثة لمن شاء). يدل على استحباب التنفل في جميع الصلوات بين الأذان والإقامة تنفلا مطلقا. فينبغي على المسلم اغتنام الفضل والإكثار من السجود على حسب نشاطه وتفرغه.وقال ابن تيمية في الفتاوى: (لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر شيئاً وإنما كان يصلي قبل الظهر: إما ركعتين، وإما أربعاً، وبعدها. وكان يصلي بعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين، وقبل الفجر ركعتين. وأما قبل العصر، وقبل المغرب، وقبل العشاء، فلم يكن يصلي؛ لكن ثبت عنه في الصحيح أنه قال: (بين كل أذانين صلاة) ثم قال في الثالثة: (لمن شاء)؛ كراهية أن يتخذها الناس سنة، فمن شاء أن يصلي تطوعاً قبل العصر، فهو حسن. لكن لا يتخذ ذلك سنة، والله أعلم). والحاصل أنه ليس لصلاة العصر سنة خاصة يواظب عليها ومن شاء التنقل فحسن ولا يعاب على من ترك ذلك لأن التنفل قبل العصر ليس من جنس السنن الرواتب التي أكد عليها الشارع أو جعل لها ثوابا خاصا أو كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها.ولا ينكر على من اختار القول بالسنية والتزم الصلاة قبلها أخذا بمذاهب بعض العلماء وعملا بالأحاديث الواردة في هذا الباب لأن هذه المسألة مما يسوغ فيه الخلاف بين أهل العلم ويعذر فيه المخالف والخطب فيه يسير. أما بعد العصر فلا يشرع سنة بلا إشكال لورود النهي الصريح عن ذلك في حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس) رواه البخاري. وفي الصحيحين عن أبي هريرة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم(نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس). وهذا مذهب عامة أهل العلم وحكى النووي وغيره الإجماع عليه. أما ما ورد في صحيح البخاري من حديث عائشة قالت (ابن أختي ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم السجدتين بعد العصر عندي قط). فحديث مشكل عند أهل العلم مختلف في تخريج معناه والأقرب أن هذا منه صلى الله عليه وسلم قضاء لسنة الظهر لشغله والمداومة على ذلك من خصائصه والقول بمشروعية السنة بعدها قول مهجور عند العلماء من مفردات الظاهرية. فلا يشرع للمسلم التطوع بعد العصر إلا إذا كانت من ذوات الأسباب كقضاء فائتة ونحوها. والله الموفق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة