الخلايا الجذعية...تعيد الأمل للملايين
نظرا لأهمية هذه الخلايا و قدرتها على لعب دورا هاما جدا في عالم الطب و العلاج في المستقبل القريب, قررت أن اكتب هذا المقال.
أولا تعريف الخلايا الجذعية: هي عبارة عن خلايا غير متخصصة و غير مكتملة الانقسام, و تكمن أهميتها في قدرتها على التشكل على شكل أي نوع من خلايا الجسم الأخرى
[1]. من وظائف هذه الخلايا إصلاح و تعويض خلايا الجسم التالفة بشكل مستمر. تمتلك هذه الخلايا القدرة على البقاء على حالتها الأساسية أو التخصص لتصبح خلايا اكثر تعقيدا مثل خلايا العظم أو العضلات
[2].
|
الخلايا الجذعية تحت المجهر [3]
|
جميع أنواع الخلايا الجذعية تشترك في ثلاثة خصائص رئيسية:[2]أ). لديها القدرة على الانقسام و التجدد. بـ). ليست متخصصة في أي نوع من الوظائف الحيوية.جـ).لديها القدرة على إنتاج خلايا تخصصية جديدة. |
مراحل انقسام الخلايا الجذعية لتكون خلايا تخصصية مثل خلايا الدم, الأعصاب و العضلات
|
هناك نوعان أساسيان من الخلايا الجذعية و أخر فرعي: أ). الخلايا الجذعية الجنينية: و هي عبارة عن خلايا جذعية مستأصلة من البيضة الملقحة في المختبرات الطبية و هي في طورها الجنيني (عمرها أربعة أو خمسة أيام) و يتم استخدامها للأغراض البحثية.
معظم الأبحاث التي تجري على هذا النوع من الخلايا تكون مجراه على خلايا إنسانية أو خلايا مستخرجة من الفئران.
[1] ب).الخلايا الجذعية البالغة: هذه الخلايا عبارة عن خلايا جذعية متواجدة مع الخلايا المتخصصة في الأجسام كاملة النمو, تكمن وظيفتها في استبدال و تعويض الخلايا المتضررة أو الخلايا الميتة. الى هذه اللحظة العلماء يجهلون منشأ هذه الخلايا.
[2]اكتشفت هذه الخلايا بعد اكتشاف الخلايا الجنينية, و كان اكتشافها عبارة عن مفاجأة سارة للعلماء حيث يعتقد الكثير من الباحثين انه يمكن
استخدام هذه الخلايا كبديل لعمليات زرع الأعضاء.تاريخ اكتشافها: اكتشفت الخلايا الجذعية البالغة قبل ستون عاما, و كان ذلك في نخاع العظم. و الآن استطاع الباحثون من إيجاد خلايا جذعيه بالغة في كل من الدماغ, الأوعية الدموية, الجلد, الأسنان, القلب, الكبد, الخلايا العضلية وغيرها.
[2] كيفية عملها داخل الجسم: تبقى هذه الخلايا من غير انقسام لفترات طويلة إلى أن يأتيها أمر انقسام من الخلايا المتخصصة المجاورة عند الحاجة للمزيد من هذا النوع من الخلايا التخصصية. مثال ذلك عند الجروح و تمزق الجلد.
[4]
يوجد نوع ثالث من الخلايا الجذعية و هي الخلايا الجذعية الموجودة في دم الحبل السري (خلايا الحبل السري). تصنف كنوع أخر من الخلايا الجذعية البالغة لأنها تتشابه كثيرا من ناحية التركيب و الوظيفة.[5]الجدول التالي يعرض الفروق بين أنواع الخلايا الجذعية السابق ذكرها.
[5] |
خلايا جذعية بالغة في نسيج العظم [5] |
|
لاحظ الفرق بين الخلايا الجذعية البالغة و الجنينية من حيث مكان التكوين و الاستخراج [5] |
ثانيا الاستخدامات المحتملة للخلايا الجذعية: هناك العديد من الاستخدامات للخلايا الجذعية و من هذه الاستخدامات ما يلي:•دراسة الخلايا الجذعية الجنينية تساعد العلماء على
فهم كيفية تطور نمو الإنسان من خلية واحدة الى جسم كامل. هذه الدراسات سوف تساعد العلماء على فهم كيفية حدوث الأمراض الوراثية و التشوهات الخلقية.
[2] |
مراحل نمو الجنين التي تبدأ بانقسام خلية واحدة
|
•تتيح الخلايا الجذعية للعلماء و الباحثين القدرة على
تجربة الأدوية الطبية بطريقة متميزة, حيث أنهم بمساعدة هذه الخلايا يستطيعون تجربية الأدوية مباشرة على خلايا جسم الإنسان في المعامل الطبية دون أية مخاطر و بتكلفة قليلة. ذلك لأنهم قادرون على إنتاج خلايا متخصصة داخل المختبرات بالتأثير على الخلايا الجذعية و جعلها تنقسم على الشكل الذي يردونه.
[2]•اهم استخدام للخلايا الجذعية هو استخدامها في انتاج خلايا متخصصة جديدة يمكن زرعها داخل أعضاء جسم الإنسان المصابة و استبدال الخلايا التالفة. يسمى هذا النوع من العلا ج بـ (cell passed therapies) أي علاج عن طريق الخلايا. في يومنا الحالي يلجأ الأطباء لزراعة الأعضاء في مكان الأعضاء التالفة و لكن الطلب على هذه الأعضاء أكثر بكثير من الكمية المتواجدة. في حال نجاح تجارب الخلايا الجذعية الحالية في انتاج و زراعة الخلايا التخصصية سيتمكن الأطباء من علاج عدد كبير من الأمراض.[2]و جد العلماء انه عند زرع الخلايا الجذعية في العضو المصاب تقوم هذه الخلايا باستبدال و اصلاح الخلايا التالفة في ذلك العضو مما يغنى الأطباء عن استبداله بعملية زرع للأعضاء.
|
بعد حقن عضلات القلب بخلايا جذعية بالغة (الخلايا الخضراء), نلاحظ تحسن في حالة الخلايا القلبية(تتحول من اللون البني الى اللون الأحمر السليم). [2]
|
على سبيل المثال: لو استطاع العلماء ان ينتجوا خلايا عضلات قلبية سليمة في المختبرات, و نقلها بشكل سليم للمريض, لأمكنهم علاج الكثير من أمراض القلب.
العلاج بالخلايا الجذعية: يتوقع الأطباء أنهم يمكنهم علاج الكتير من الأمراض باستخدام هذه الخلايا و منها ما يلي:[2][6]• داء ألزهايمر• الأمراض الناتجة عن اصابة الحبل الشوكي• الجلطات• السرطان• أمراض القلب• السكري
• الحروق والتهاب المفاصلاستطاعت الخلايا الجذعية إبهار العالم بقدرتها على علاج عدد كبير جدا من الأمراض. في كل يوم تزداد استخدامات الخلايا الجذعية و تدخل في علاج أمراض جديدة. هي بلا شك أمل كبير للكثيرين.
|
عملية قلب مفتوح باستخدام الخلايا الجذعية [7]
|
أذكر فيما يلي بعض عجائب استخدامات الخلايا الجذعية:
- استطاع مجموعة من الأطباء في جامعة ديوك الأمريكية علاج خلل دماغي لفتاة عمرها لا يتجاوز العامين باستخدام الخلايا الجذعية.
عانت الطفلة كلوي من خلل دماغي سببه انسداد أحد الشرايين التي تغذي دماغها. نتيجة هذا الانسداد عانت الطفلة من شلل لطرفها الأيمن و عجز في النطق. لم يكن يوجد أي علاج لحالة هذه الفتاة و لكن استطاعت الخلايا الجذعية تغير ذلك.[8]
- في الصين وانج ياشينج زرعت له خلايا جذعية كعلاج لمرض ضمور العضلات الذي كان يعاني منه. قبل الزرع كان يمشي بصعوبة بالغة و الآن هو يمشي بطريقة طبيعية.[9]
- نشرت جريدة American Medical Association بحث أجري على خمسة عشر مريض بمرض السكري عن اماكنية علاج مرض السكري باستخدام الخلايا الجذعية و انهاء اعتماد المرضى على حقن الانسولين.[10]
و هناك العديد من الأمثلة على نجاح الخلايا الجذعية في علاج الكثير من الأمراض التي ليس لها علاج معروف.
ثالثا بعض العوائق في طريق الخلايا الجذعية: يواجه الباحثون في مجال الخلايا الجذعية عدد من التحديات و المصاعب و يمكن تقسيمها الى ثلاثة محاور:
تحديات طبية: من أهم هذه التحديات 1) ايجاد طرق فعالة للتحكم بالخلايا الجذعية و جعلها تنقسم متى يحتاجونها و على الشكل الذي يحتاجونه. 2) ايجاد طريقة أو طرق لمنع الجهار المناعي من رفض هذه الخلايا بعد زرعها داخل جسم المريض.
[2] تحديات تقنية: يحتاج الباحثون لعدد كبير من الأجهزة المعقدة و المكلفة, كما أن البحث يكلف الكثير من الأموال. هذا يؤدي الا اقتصار البحوث على عدد قليل من المختبرات و الجامعات. كما أنهم يحتاجون لعدد من المصنعين الذين يقومون بانتاج هذه الأجهزة المعقدة و هذا صعب الحدوث.
تحديات اجتماعية: المجتمع العالمي متخوف من الاستخدام الغير شرعي لهذه التقنية و لذلك نجد أن معظم الدول الغربية و ضعت قيود و قوانين معقدة لمن يريد البحث في هذا المجال. كما أنه هناك جدل كبير من طرف المحافظين على أن الأبحاث تستخدم بويضات ملقحة و من ثم قتلها. و هو ما يعتبروه أنه جريمة قتل.
لكننا وجدنا بعض التغيرات الملموسة في هذه الناحية, حيث أن الرئيس الأمريكي ألغى عدد كبير من هذه القيود.
|
خارطة توضح الدول التي تفرض شروط و قوانين صارمة على أبحاث الخلايا الجذعية
|
فيديو YouTube
|
الجدل القائم حول الخلايا الجذعية في الولايات المتحدة.[7]
|
رابعا نظرة على المستقبل القريب: على الرغم من هذه التحديات و المصاعب الا ان الباحثين يتوقعون مستقبل مشرق لهذه التقنية. كما أنه بالفعل يتم الأن استخدام هذه التقنية في علاج بعد أمراض العظام و القلب في عدد من الدول المتقدمة. و نجد أيضا أن دول الشرق من ناحية اليابان و الصين و الهند و دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة تتسابق لتطوير هذه التقنية.
[2] |
خلايا جذعية جنينة في المختبر
|
خامسا مراكز الأبحاث: يوجد أكثر من مئة مركز بحث متخصص في الخلايا الجذعية. غالبية هذه المراكز متواجدة في الولايات المتحدة و أوروبا. كما أن الصين أعلنت عن أكبر بنك للخلايا الجذعية في العالم و هو الأن قيد الانشاء.
أما شرق أوسطيا فالمملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة التي تتملك مركز بحث للخلايا الجذعية مقره في جدة, و هو تابع ل
شركة جدة للتقنية الحيوية المحدودة.
تفوق سعودي في مجال الخلايا الجذعية:
اهتمت المملكة العربية السعودية منذ أمد بالخلايا الجذعية, و كانت بداية الاهتمام في مستشفى الملك فيصل التخصصي في عام 1988. و كان ذلك بزراعة خلايا جذعية مستخرجة من نخاع العظم من ذات المريض المحتاج لعملية الزراعة. ثم تطور الأمر لزراعة خلايا جذعية مستخرجة من الدم. في عام 2003 استحدث برنامج لزراعة خلايا جذعية مستخرجة من دم الحبل السري. في عام 2006 في مستشفى الملك فيصل التخصصي تم افتتاح
أول بنك في المنطقة لتخزين و تجميع وحدات من الخلايا الجذعية المستخرجة من دم الحبل السري. يعتبر هذا البنك نقلة نوعية في مجال أبحاث الخلايا الجذعية و استخدامها لعلاج العديد من الأمراض في المملكة.[7] [b]أهم مراكز الأبحاث العالمية: [5][/b]
الخاتمة: الخلايا الجذعية من أهم الوسائل المبتكره في الطب الحديث. هذه الخلايا لديها القدرة على علاج عدد كبير جدا من الأمراض و من اهمها أمراض القلب و السرطان. بالفعل بدأ استخدام هذه الخلايا في الكثير من الدول حيث هي الأن تستخدم لعلاج بعض أمراض القلب, بعض أمراض العظام و بعض أمراض العيون.
أهم مزايا هذه الخلايا أنها تسطيع اصلاح و استبدال الخلايا التالفة عند زراعتها في العضو المصاب. و هذا يغني عن الحاجة لاستبدال العضو. العالم بأجمعه دخل سباق تطوير و انتاج هذه الخلايا نظرا لأهميتها و قدراتها, لكن الوطن العربي مازال متأخرا كثيرا في مجال تطوير هذه التقنية.
اضغط على الرابط لمشاهدت عرض تفاعلي مميز لعمل الخلايا الجذعية من جامعة يوتاه المراجِع
- الخلايا الجذعية, فراس جاسم جرجيس, موقع صحة
http://www.sehha.com/misc/stemcells.htm
- أساسات الخلايا الجذعية, موقع المعهد العالمي للصحة
http://stemcells.nih.gov/info/basics
- موقع ويكيبيديا
http://en.wikipedia.org/wiki/Stem_cells
- قسم علم الجينات, جامعة يوتاه الأمريكية
http://learn.genetics.utah.edu
- مقالة بعنوان "مقدمة للخلايا الجذعية",مختبر كانكون الطبي للخلايا الجذعية
http://www.cancunstemcellclinic.com/intro.cfm
- مركز أبحاث الخلايا الجذعية, جامعة نوتينجهام.
http://research.nottingham.ac.uk/ResearchFocus/display.aspx?Id=835&pid=167
- موقع قناة الجزيرة الإخبارية على اليوتيوب
https://www.youtube.com/user/aljazeerachannel?blend=3&ob=4
- عجائب الخلايا الجذعية , موقع denverpost.com
http://www.denverpost.com/newsheadlines/ci_10441355
- قصة وانج ياشينج على موقع vimeo.com
http://vimeo.com/3467442
- علاج مرض السكري باستخدام الخلايا الجذعية, موقع timeonline.co.uk
http://www.timesonline.co.uk/tol/life_and_style/health/article1637528.ece
- البنك الوطني لدم الحبل السري.. ذخيرة لعلاج الأمراض الخطيرة, د.عبد الحفيظ خوجه, جريدة الشرق الأوسط.
http://www.aawsat.com/details.asp?section=15&article=449487&issueno=10607