هل تسأل عن بقع رغوة الصابون التي تلطخ ستارة الحمام؟ إنها في الحقيقة غشاء احيائي يحتوي على أكثر من مليار باكتيريا في كل بوصة مربعة.
أو ربما تسأل عن قشاط السلم المتحرك؟ عندما تضع يدك على القشاط فإنك تغمس يديك في حوض من الباكتيريات خلفها الذين مروا من هنا قبلك؟
وماذا عن وضع تراب جديد في حوض نبتة البتونيا التي تزين منزلك؟ التراب هو الصرح الذي تقبع فيه جرثومة مرضية تدعى (Microbal Avian Complex)، وهي جرثومة قد تكون خطرة.
ثم هناك الاسفنجة التي تستعملها لغسل الصحون في المغطس. أجل، انها طافحة بالبكتيريا الحية.
إذا كان هذا القول يجعلك تشعر بالحاجة إلى الاسترخاء في مغطس ساخن، فمهلا. فالهواء الذي يحركه الماء الساخن مليء بالميكروبات على الأرجح، وبعضها قادر على تسبيب السعال الشديد.
يقول نورمان بايس، الباحث في جامعة كولورادو في بولدر اننا نعيش في عالم الميكروبات، فكل شيء تلمسه مغطى بالميكروبات، ولا تستطيع أن تهرب منها إذا أردت أن تهرب لأن جلدك مغطى بحوالي 100مليون ميكروب.
ومع ذلك لا يعرف العلم الشيء الكثير عن الميكروبات البيئية.... كيف تعيش وتتكاثر وتزدهر في العالم الطبيعي. وكل ما يعرفه الإنسان يأتي من الجراثيم المستزرعة في المختبرات من أجل دراستها.
وقال بايس أمام الاجتماع الوطني للجمعية الأمريكية لتقدم العلوم: "اننا نعيش في عالم ميكروبات وأرى انه من المذهل ان يتجاهل العلم ذلك".
وقد اكتشف بايس مستعمرات الباكتيريا في لطخات رغوة الصابون على ستار حمامه عندما أخذ عينة منها من قبل الفضول وتفحصها تحت عدسة المجهر. فدهش لذلك - كما يقول - وعثر على نفس الشيء لاحقا عندما درس ستائر الحمامات في منازل أخرى.
ويقول بايس: "عندما تقف تحت الدوش فإنك تصبح في سحابة من الرذاذ البيولوجي".
ان معظم الباكتيريا في رغوة الصابون غير مؤذية للأشخاص الأصحاء. ولكن بالنسبة لمن يعانون من أجهزة المناعة الضعيفة مثل المصابين بالايدز أو الذين يخضعون للمعالجة الكيميائية، أو توجد جروح مكشوفة على اجسامهم، يمكن ان تكون بعض تلك الجراثيم قاتلة.
وينصح بايس بتنظيف ستائر الدوش اسبوعيا، وهو عندما يستعمل السلم المتحرك فهو لا يستند إليها إلا برسغية لتفادي ملامسة الجراثيم التي قد تكون موجودة.
ويقول بايس ان اسفنجة مغطس المطبخ هي "مصدر عظيم للباكتيريا". انه في منزله يعصر الاسفنجة على الدوام ويدعها تجف ليحطم بذلك "فروس الجراثيم المبتل والدافىء".
وقد بدأ بايس يستكشف عالم ميكروبات المغاطس الساخنة عندما طلب منه اجراء تحقيق حول أسباب اصابة العاملين في أحواض السباحة العلاجية بما يسمى "رئة حراس للنجاة" (Lifeguard Lung)، بسعال متواصل يعاني منه العاملون في أحواض السباحة.
واكتشف بايس ان الهواء فوق حوض داخلي مسخن أو فوق مغطس ساخن مفعم بالميكروبات بنسبة 60في المائة، وان التعرض لهذا الهواء بشكل متواصل يسبب "رئة حراس النجاة" عند الأشخاص الحساسين. ويمكن قول نفس الشيء بالنسبة للمغاطس الساخنة في المنازل.
ويقول بايس ان اكتشافه مخيف الى حد ما، وان العبرة منه هو ان يعي الناس مخاطر السباحة في احواض داخلية او الجلوس في مغاطس حمام داخلية ساخنة.
ولحل مشكلة حوض السباحة والمغطس الساخن يقترح بايس زيادة التهوية من اجل شفط الميكروبات من الاماكن المغلقة.
ورغم الصورة المخيفة للباكتيريا المنتشرة في كل مكان، فقال بايس انه ليس معقولاً "ان نتخذ" وضعية هاورد هيوز". وهو يعني بذلك الملياردير الراحل غريب الاطوار هيوز الذي عزل نفسه وكان يقوم بتعقيم كل اغراضه خوفاً" من الجراثيم.
في عالم الميكروبات هناك الطيبون والاشرار. والعديد من الباكتيريات مفيدة تساعد على قمع الباكتيريات الشريرة. والمضادات الحيوية يمكنها ان تقتل الجراثيم المفيدة والمؤذية على حد سواء. وهذا يؤمن افضلية للباكتيريا التي تكتسب مناعة تجاه المضادات الحيوية، وبعضها قد يكون مؤذياً".
وكبديل للمضادات يمارس بايس الحرص والعناية. انه يدعو الجميع الى غسل ايديهم عدة مرات وتنظيف لطخات الصابون وتجفيف اسفنجية المطبخ وتفادي التواجد في الاحواض المغلقة والمغاطس الساخنة.
وقال بايس ان ثمة حاجة ايضاً لاجراء المزيد من الابحاث عن حياة واطوار الميكروبات في العالم الطبيعي لكي يتمكن العلم من تحديد الاماكن التي توجد فيها مخاطر على الحياة البشرية، ومن ثم وضع الحلول لها.