د. عمر الأشقر [b]حرَّم الله على الرجال نكاح أزواجهم إذا كنحُيَّضاً، ونص القرآن على علة التحريم، وهي كون المحيض أذى (ويسألونك عن المحيض قلهو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض) البقرة/ 222. والدراسات العلمية في هذا المجالكشفت لنا عن شيء من الأذى الذي أشارت إليه الآية الكريمة، ولكنهم لم يصلوا إلىالتعرف على جميع الأذى الذي عناه النص القرآني، فالعلم في تقدم مستمر، وفي كل يوميكتشف جديداً، ينبئنا هذا الجديد أن علمنا كان قاصراً.
يقولالدكتور محيي الدين طالو العلبي: (( يجب الامتناع عن جماع المرأة الحائض لأنجماعها يؤدي إلى اشتداد النزف الطمثي، لأن عروق الرحم تكون محتقنة وسهلة التمزقوسريعة العطب، كما أن جدار المهبل سهل الخدش، وتصبح إمكانية حدوث الالتهابات كبيرةمما يؤدي إلى التهاب الرحم أيضاً أو يحدث التهاب في عضو الرجل بسبب الخدوش التيتحصل أثناء الانتصاب والاحتكاك، كما أن جماع الحائض يسبب اشتمئزازاً لدى الرجلوزوجه على السواء بسبب وجود الدم ورائحته، وبالتالي قد يؤثر على الزوج فيصاببالبرود الجنسي (العنة).
وجماع النفساء له نفس أضرار الحائض، يضاف له عدمشعور كل من الزوجين باللذة بسبب تمدد جوف المهبل خلال الولادة، ويسبب الآلام خلالالجماع، والتي تنجم عن تنبيه تقلص الرحم وآلامها.
ويقول الدكتور البارمتحدثاً عن الأذى الذي في المحيض: ((يُقذف الغشاء المبطن للرحم بأكمله أثناء الحيض،وبفحص دم الحيض تحت المجهر نجد بالإضافة إلى كرات الدم الحمراء والبيضاء قطعاً منالغشاء المبطن للرحم، ويكون الرحم متقرحاً نتيجة لذلك، تماماً كما يكون الجلدمسلوخاً، فهو معرض بسهولة لعدوان البكتيريا الكاسح، ومن المعلوم طبياً أن الدم هوخير بيئة لتكاثر الميكروبات ونموها، وتقل مقاومة الرحم للميكروبات الغازية نتيجةلذلك، ويصبح دخول الميكروبات الموجودة على سطح القضيب يشكل خطراً داهماً علىالرحم.
ومما يزيد الطين بلة أن مقاومة المهبل لغزو البكتيريا تكون في أدنىمستواها أثناء الحيض، إذ يقل إفراز المهبل للحامض الذي يقتل الميكروبات، ويصبحالإفراز أقل حموضة إن لم يكن قلوي التفاعل، كما تقل المواد المطهرة الموجودةبالمهبل أثناء الحيض إلى أدنى مستوى لها، وليس ذلك فحسب، ولكن جدار المهبل المكونمن عدة طبقات من الخلايا يرق أثناء الحيض، ويصبح رقيقاً ومكوناً من طبقة من الخلايابدلاً من الطبقات العديدة التي نراها في أوقات الطهر، وخاصة في وسط الدورة الشهريةحيث يستعد الجسم بأكمله للقاء الزوج.
لهذا فإن إدخال القضيب إلى الفرجوالمهبل في أثناء الحيض ليس إلا إدخالاً للميكروبات في وقت لا تستطيع فيه أجهزةالدفاع أن تقاوم، كما أن وجود الدم في المهبل والرحم يساعد على نمو تلك الميكروباتوتكاثرها.
ومن المعلوم أن على جلد القضيب ميكروبات عديدة، ولكن الموادالمطهرة والإفراز الحامض للمهبل يقتلها أثناء الحمل، أما أثناء الحيض فأجهزة الدفاعمشلولة، والبيئة الصالحة لتكاثر الميكروبات متوفرة)).
ويرى الدكتور البار أنالأذى لا يقتصر على ما ذكره من نمو الميكروبات في الرحم والمهبل الذي يصعب علاجه،ولكن يتعداه إلى أشياء أخرى منها:
1 ـ امتداد الالتهابات إلى قناتي الرحمتسدها، أو تؤثر على شعيراتها الداخلية التي لها دور كبير في دفع البويضة من المبيضإلى الرحم، وذلك يؤدي إلى العقم، أو إلى الحمل خارج الرحم، وهو أخطر أنواع الحملعلى الإطلاق، ويكون الحمل عندئذ في قناة الرحم الضيقة ذاتها، وسرعان ما ينمو الجنينوينهش في جدار القناة الرقيق، حتى تنفجر القناة الرمية، فتنفجر الدماء أنهاراً إلىأقتاب البطن، وإن لم تتدارك الأم في الحال بإجراء عملية جراحية سريعة فإنها لا شكتلاقي حتفها.
2 ـ امتداد الالتهاب إلى قناة مجرى البول، فالمثانة فالحالبينفالكلى، وأمراض الجهاز البولي خطيرة ومزمنة.
3 ـ ازدياد الميكروبات ي دمالحيض وخاصة ميكروب السيلان.
ويبين لنا الدكتور البار أن المرأة الحائض تكونفي حالة جسمية ونفسية لا تسمح لها بالجماع، فإن حدث فإنه يؤذيها أذى شديداً، ثميعرض لنا ما يصحب المرأة أثناء حيضها من علل وأوجاع وآلام فيقول:
1 ـ يصاحبالحيض آلام تختلف في شدتها من امرأة إلى أخرى، وأكثر النساء يصبن بآلام وأوجاعالظهر واسفل البطن، وبعض النساء تكون آلامهن فوق الاحتمال مما يستدعي استعمالالأدوية والمسكنات، ومنهن مَن يحتجن إلى زيارة الطبيب من أجل ذلك.
2 ـ تصابكثير من النساء بحالة من الكآبة والضيق أثناء الحيض وخاصة عند بدايته، وتكون المرأةعادة متقلبة المزاج سريعة الاهتياج قليلة الاحتمال، كما أن حالتها العقلية والفكريةتكون في أدنى مستوى لها أثناء الحيض.
3 ـ تصاب بعض النساء بالصداع النصفي ( الشقيقة) قرب بداية الحيض، وتكون الآلام مبرحة وتصحبها زغللة في الرؤيةوقيء.
4 ـ تقل الرغبة الجنسية لدى المرأة وخاصة عند بداية الطمث، بل إنكثيراً من النساء يكن عازفات تماماً عن الاتصال الجنسي أثناء الحيض، ويملن إلىالعزلة والسكينة، وهو أمر فسيولوجي وطبيعي، إذ إن فترة الحيض هي فترة نزيف دموي منقعر الرحم (الغشاء المبطن للرحم من الداخل). وتكون الأجهزة التناسلية بأكملها فيحالة شبه مرضية، فالجماع في هذه الآونة ليس طبيعياً، ولا يؤدي أي وظيفة، بل علىالعكس يؤدي إلى الكثير من الأذى.
5 ـ على الرغم من أن الحيض عملية فسيولوجية ( طبيعية) بحتة، فإن استمرار فقدان الدم كل شهر يسبب نوعاً من فقر الدم لدى المرأة،وخاصة إذا كان الحيض شديداً غزيراً في كميته.
6 ـ تصاب الغدد الصماء بالتغيرأثناء الحيض، فتقل إفرازاتها الحيوية المهمة للجسم إلى أدنى مستوى لها أثناءالحيض.
7 ـ تنخفض درجة حرارة المرأة أثناء الحيض درجة مئوية كاملة، وذلك لأنالعلميات الحيوية التي لا تتوقف في الكائن الحي تكون في أدنى مستوى لها أثناءالحيض، وتسمى هذه العمليات بالأيض أو الاستقلاب، ونتيجة لذلك يقل إنتاج الطاقة منالجسم، كما تقل عمليات التمثيل الغذائي.
8 ـ ومع انخفاض درجة حرارة الجسم فيالمرأة نتيجة للعوامل السابقة يبطئ النبض وينخفض ضغط الدم، فيسبب الشعور بالدوخةوالفتور والكسل.
ويذكر الدكتور البار أيضاً أن: الأذى لا يقتصر على الحائضفي وطئها، وإنما ينتقل إلى الرجل الذي وطئها أيضاً، فإدخال القضيب إلى المهبلالمليء بالدماء يؤدي إلى تكاثر الميكروبات والتهاب قناة مجرى البول لدى الرجل،وتنمو الميكروبات السبحية والعنقودية على وجه الخصوص في مثل هذه البيئةالدموية.
وتنتقل الميكروبات من قناة مجرى البول إلى البروستاتا والمثانة،والتهاب البروستاتا سرعان ما يزمن لكثرة قنواتها الضيقة الملتفة، والتي نادراً مايصلها الدواء بكمية كافية لقتل الميكروبات المختفية في تلافيفها، فإذا أزمن التهابالبروستاتا فإن الميكروبات سرعان ما تغزو بقية الجهاز البولي التناسلي، فتنتقل إلىالحالبين، ومنه إلى الكلى، وما أدراك ما التهاب الكلى المزمن، إنه العذاب حتى يحينالأجل .. ولا علاج.
وقد تنتقل الميكروبات من البروستاتا إلى الحويصلاتالمنوية، فالحبل المنوي، فالبربخ، فالخصيتين. وقد يسبب ذلك عقماً نتيجة انسداد قناةالمني أو التهاب الخصيتين، كما أن الآلام المبرحة التي يعانيها المريض تفوق ما قدينتج عن ذلك الالتهاب من عقم.
وأخيراً يذكر الدكتور البار أنه ظهر بحث قدمهالبروفيسور عبدالله باسلامة إلى المؤتمر الطبي السعودي السادس جاء فيه أن الجماعأثناء الحيض قد يكون أحد أسباب سرطان عنق الرحم، ويحتاج هذا الأمر إلى مزيد منالدراسة للتأكد.
وصدق الله العظيم إذ يقول: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً) البقرة/ 222. نعم هو أذى للزوجة وأذى للزوج، وعدم قربان المرأة في المحيض طهارة،طهارة من الأنجاس والأمراض. والله يحب التوابين ويحب المتطهرين (ولا تقربوهنّ حتىيطهرن فإذا تطهَّرن فأتوهنّ من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحبالمتطهرين) البقرة(222.
* د. عمر الأشقر، د. محمد عثمان شبير، د. عبدالقادرأبوالبصل، د. عارف علي عارف[/b]