كل ذلك فيه دلالةٌ واضحة على دفع الإنسان وحثِّه على الالتزام بكل خيرٍ دعَت إليه شِرعة الإسلام،
وتحذيره وزجره عن أن يقع فريسةً لكل شرٍّ نهَتْ عنه.
وما كانت بعثتُه - صلى الله عليه وسلم - وإرساله إلى الناس كافة إلا من هذا الباب؛
فقد قال - صلوات الله وسلامه عليه
«إنما بُعِثتُ لأُتمِّمَ صالح الأخلاق»؛
رواه أحمد، والبخاري في "الأدب المفرد".
وقال - عليه الصلاة والسلام -: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبَى».
قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟
قال: «من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبَى»؛ رواه البخاري وغيره.
ومن هنا - عباد الله - فإنه لا يمكن لأي مجتمع مسلم أن يقوم مستقرًّا إلا بتحقيق مبدأ الثواب والعقاب في أوساطه، وعلى كافة أحواله؛
في العبادات والمعاملات والتربية والفكر والأسرة والبيئة والاقتصاد والإعلام والحقوق، على الذكر والأنثى، والشريف والوضيع، والغني والفقير
كما أنه لن يستقر مجتمعٌ انحازَ إلى أحد شطرَي هذا المبدأ، فلن يُفلِح مجتمعٌ لا يعرف إلا الثواب، ولن يسلك إلا مسلك الإرجاء كما أنه لن ينهض مجتمعٌ لا يعرف إلا العقاب، ولم يسلك إلا طريق التنطُّع والمُشادَّة
ولأجل هذا - عباد الله - وصف الله أمة الإسلام بأنها الأمة الوسط
وما جعلهم خير أمةٍ أُخرِجت للناس إلا بتحقيقها مبدأ الثواب والعقاب؛
الثواب المُشار إليه بالأمر بالمعروف، والعقاب المُشار إليه بالنهي عن المنكر،