البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Uuoou_10
البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Uuoou_10
البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح،

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نورالدين
.
.
نورالدين


ذكر
عدد المساهمات : 1652

انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Empty
مُساهمةموضوع: انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح،   انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأحد يناير 08, 2012 12:25 pm

بسم الله الرحمن الرحيم






انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح،






الحمد
لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الواعد الأمين،
اللهمّ لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنَّك أنت العليم الحكيم، اللهمّ
علِّمنا ما ينفعنا، وانْفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علمًا، وأرِنا الحقّ
حقًا وارزقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطل باطلا وارزقنا اجْتِنابه، واجْعلنا
مِمَّن يستمعون القَوْل فيتَّبِعون أحْسَنَهُ، وأدْخِلنا بِرَحمتِكَ في
عبادك الصالحين
.



أيها
الإخوة المؤمنون، وأنا في طريقي إليكم لمَعَت في ذهني حقيقة أردتُ أن تكون
مِحْوَرَ الدرس، فأرجو الله سبحانه وتعالى أن يُعينني على تحقيق هذا
المَطْلَب
.
النقطة
الأولى ؛ أنَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، والعمل الصالح
ثمن الجنَّة، وحجمك عند الله تعالى بحجم عملك الصالح، أحيانًا تجد الإنسان
ملازمٌ للدروس ثلاثون سنة، تتمنَّى أن يصدر منه فِعْلٌ واحدٌ لِخِدْمة
المسلمين، يستمع ويتأثَّر ويُثني ويمْدح، أما أن يتحرَّك، أما أن يقدِّم
عملاً، أما أن يحمل همًّا أما أن يخفِّف مشكلةً ؛ بعيدٌ كلّ البعْد عن هذا
أنا أتساءل ما قيمة حضور درس علم إنْ لم ينقلب إلى عمل، إن لم ينقلب إلى
استجابة، إن لم ينقلب إلى حركات، إن لم ينقلب إلى عطاء، المشكلة يذكرها
النبي عليه الصلاة والسلام مرَّةً ؛ يقول: مرَّ مع أصحابه على قبر فقال:
صاحب هذا القبر إلى ركعتين ممَّا تحقرون من تنفّلكم خير له من كلّ دُنياكم،
أنا أتمنَّى على كلّ أخٍ كريمٍ أن يكون جريئًا على نفسِهِ، وأن يقبل
الحقيقة المرَّة لا أن يعيش في الوهم المريح، أن يقول: ماذا قدَّمْتُ
للمسلمين ؟ والله أيّها الإخوة أبواب العمل الصالح في كلّ زمان بعدد أنفاس
الخلائق، أنواع منوَّعة، ممكن أن تعلِّم العلم، ممكن أن تنفق من مالك ممكن
أن تحقّق إنجاز كبير تضعُهُ في خدمة المسلمين، ممكن أن تخفِّف آلام
البائسين، الأعمال الصالحة لا تُعدُّ ولا تحصى لكن شرْطَ أن تتوفَّرَ لها
نيَّة صالحة، هنا السؤال ؛ كيف نأتي بالنيَّة الصالحة ؟ أذكر مرَّةً أنَّ
واحدًا سأل طبيبًا ماهرًا جدًّا، فقال له: أيّها الحكيم ؛ علِّمْني كيف
تكتب الوصْفة ؟ فابْتسَمَ، وقال له: كتابة الوصفة محصِّلة ثلاثة وثلاثون
سنة من الدراسة والتَّعب، والإنجاز والعطاء، وسهر الليالي، وتحمّل ضغوط
الأساتذة، وتحمّل متاعب الامتحان، والمراجعة والخطأ والصواب، في نهاية هذا
المطاف أكتب الوصفة بيدي، وأنت تريد أن تأخذها بدقيقة ؟ هذا التعليق نفسه
على من يقول: كيف تكون نيَّتي حسنة ؟ النيّة الحسنة هي محصِّلة إيمانك
كلّه، وجهاد النفس والهوى كلّه، وكفّك عن محارم الله تعالى، وتوظيف
إمكاناتك في سبيل الخير ؛ طلّ هذا يُولِّد في النهاية نيَّة طيِّبة
.
أيها
الإخوة، كلمة دقيقة وعميقة ؛ المخلص عاداته عبادات، والجاهل عباداته
عادات، العبادة الخالصة ؛ الصلاة والصوم والحجّ عادة، أما المؤمن لو جلس مع
أهله وآنسهم له في هذا عمل صالح، لو أخذ أولاده نزهةً بِنِيَّة أن
يُمَتِّن علاقتهم به كي ينشؤوا على طاعة الله ؛ عمل صالح أنا أعدُّ لكم
أعمالاً لا تُصدَّق وكلّها أعمال صالحة، وهي عند الناس نشاط يومي وعادات،
محور هذا الدرس، تجد أخًا من الإخوان بِسَنَتين أو ثلاثة أمَّة ؛ أقرباؤه
وأصهاره وأولاده ومن يعلم وجيرانه وزملائه كلّهم دعاهم إلى المسجد وحملهم
على طاعة الله تعالى، ويسَّر لهم سبيل الطاعة، فأصبح هو في قلوب الآخرين،
كلمة أمّة في قوله تعالى
:


﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾


[ سورة النحل ]


تجد
شخصًا بِقُلوب مئة أشخاص، وشخص بقلوب ألف، والنبي عليه الصلاة والسلام في
قلب مليار و مئتا مسلمٍ، فأن أتمنَّى أنَّ الإنسان في هذه الحياة الرتيبة،
النقطة الدقيقة أنّه أكلنا وشربنا ونمنا وسافرنا وانبسطْنا وسهرنا وضحكنا،
إلى متى ؟ يأتي يوم يأتي فيه ملك الموت يقول لك: ماذا حصَّلْت من عملٍ صالح
؟ لا يوجد مهنة بالأرض إلا ولك أن توظِّفها للخير، أضرب لكم مثلاً ؛ امرأة
أُصيبَت بِمَرض خبيث في دماغها، ودعَتْ ربّها أن يُشْفِيَها، وبقُدرة
القادر، وحكمة حكيم شُفِيَت شفاءً تامًّا امرأة فقيرة قابعة بالبيت، ماذا
تستطيع أن تفعل ؟ الرجل له مجالات واسعة جدًّا، فهذه استأجرَت غرفةً،
وهيَّأتْ فيها مطبخًا، وصارَت تطبخُ أنفسَ الطَّعام، وهذه هي إمكانيَّاتها،
طبّاخة من طراز أوّل، للأسر الغنيّة الراقيَة بِمُصطلح المجتمع المخملي ؛
أرباحها من هذا العمل بدأَت تُوظِّفها بِمُعالجة الفقراء، إنسانة لا تملك
من الدنيا إلا الطّبخ استطاعَت أن تجمع مبالغ كبيرة جدًّا، وأن تجمع مئات
المرضى الفقراء، فيا أيّها الإخوة الإنسان إذا كبر قلبه يصغر أمامه كلّ
كبير، وإذا صغر قلبه يتعاظم عليه كلّ حقير، القلب يكبر ولا ترى كبره
فيتضاءل أمامه كلّ كبير، ويصغر ولا ترى صغره فيتعاظم عليه كلّ حقير، تجد
إنسان تمتلئُ منه إعجابًا نواياه وهمومه وأعماله، وتنظيم وقته، خدمته،
مزحهُ للناس، وإنسان آخر عبءٌ على الناس، ومن دوم مبالغة أشعر أنّ واحدًا
كألف، وواحد كمليون، حامل وغطّى كميّة كبيرة من الدعوة، وإنسان آخر غطَّى
لك قطاع كبير من مشكلات المسلمين، ويقول لك: أنا هذا أحمله عنك، وإنسان
محبوب، أنا لفت نظري منظر في الحجّ هؤلاء الذين كبر سنّهم ؛ ثمانون، يطوفون
محمولون، كميّة عظام محمولة، هناك شابّ مسلم تجده بهذا الشكل، لا يقدّم
شيء، ويريد كلّ شيء، ما دام دخل المسجد يريد بيت، ويريد زواج، وتأمِّن له
كلّ شيء، وهو لا يقدِّم ولا شيء، وإذا كان هناك نزهة يأتي أوَّل واحد، أما
إذا كان هناك عمل فلا ترى أحدًا، سؤالي، ومحور الدّرس اليوم أنَّ كلّ واحدٍ
منَّا عليه أن يكون صريحًا مع نفسه، لو أنَّ ملك الموت جاءك، وقد يأتي في
أيّ وقت، ما العمل الصالح الخالص الذي تقدّمه لله عز وجل ؟ والله أيّها
الإخوة الذين تفضَّل الله عليهم بأعمال صالحة، والله هذا العمل الصالح الذي
أجراه الله على أيديهم يُكْسبهم راحةً نفسيَّة، والله لو وُزِّعَت على أهل
بلدٍ لكفاهم، فأنت بعد حضور درس لمدّة عشرين سنة، عشرة سنوات، ثمانية
سنوات، وأحيانًا ثلاثون سنة ألا يمكن أن تقدّم شيئًا في هذه السنين، في
الدعوة، وفي العمل، في العمل الصالح، في إعانة الناس، معالجة المرضى، تأمين
حاجات الناس، إذا قال الله لك ماذا فعلْت في الدنيا ؟ يا ربّ، فعلت كذا،
وعملتُ هذا العمل في سبيلك ابتغاء مرضاتك، لا أبتغي لا سُمعةً، ولا جاهًا،
ولا مدْحًا ولا ثناءً، فتجد الإنسان له عمل واضح وصارخ، أخاف أن أقول أيّ
واحد منكم يمكن أن يكون من أكبر أعلام الأمَّة لو صدَقَ، ولا أنسى هذه
القصّة التي أعيدها كثيرًا ولا أنساها، رجل في صعيد مصر أرسل ابنه إلى
الأزهر، وعاد عالمًا من علماء الأزهر، أبوه بالخامسة والخمسين تمنَّى أن
يكون مثله، ركب دابَّته وتوجَّه بها إلى القاهرة، كم من يوم حتى يصل ؟ قلْ
كم من أسبوع ‍! المهمّ وصَلَ، وسألهم أين الأزْعَر ؟! لا يعرف اسمه، فقال
لهم أحدهم: يا أخي، ما هذا الأزعر ؟ هذا اسمه الأزهر، فدَلُّوه على الأزهر،
والقصَّة واقعة، واسمهُ زكريّا الأنصاري هذا الرجل تعلّم القراءة والكتابة
بالخامسة والخمسين، ثمَّ طلب العلم الشرعي، وما مات إلا وهو شيخ الأزهر !
مات في السادسة والتسعين وهو شيخ الأزهر، فالذي يرزقه الله أعمالاً صالحة،
هل هو أحسن منك ؟ لا لكن هو طلب، وأنت ما طلبْت، هناك إنسان قنوع، وأنا
أُجلّ قناعته قنوع بِعَمل الأخيار، أنا بالجامع الفلاني، وهو جامع نظيف،
ومعتدل، ووسط، ولا توجد مشكلة، طيِّب ماذا قدَّمْت ؟ أنت تتلقَّى وتتلقَّى،
ولكن متى تعطي ؟ تستمع متى تُلْقي، تتلقى متى تعطي، تستمع متى تُلْقَى،
تأخذ متى تمنح، فلا بدّ من عملٍ وأنا أتحدَّى أن تكون هناك حرْفة في الأرض
لا يستطيع صاحبها أن يوظِّفها في الحقّ ! هناك إخوان جزاهم الله خيرًا، كلّ
إنسان باخْتِصاصه، واحد من إخواننا الكرام قدَّم لطلاب المعهد في أوّل
العام الدراسي كنزة لكل واحد، وهي ثمينة جدًّا، ثلاث مئة أو أربعمئة طالب
لبسوا هذه الكنزات هديَّةً من الجامع، كان وقْعُها كبير، فأنا اختصاصي كذا
وسأُقدِّم كذا، والله هناك في هذا المسجد جنود، وأنا أسمِّيهم جنود عند
الله معروفون، كلمة جندي مجهول لها أشكال، جندي معلوم عند الله عز وجل،
يقومون بأعمال مُشرّفة، ومن دون أن يعلمَ أحدٌ يا ربّ فعلتُ هذا من أجلك،
أتمنى على كلّ أخٌ كريم يحضر دروس من فترة طويلة، أصبحت عندهُ قناعات
ثابتة، المفروض يصدر منه شيء، وكلّ إنسان له اختصاص، ولا يوجد من لا اختصاص
له، ولا يوجد من لا خبرة له، هناك أشخاص يقول لك: أنا متخصِّص بالبرمجة
أنا بخدمتك، وإنسان بالكهرباء، وطبيب قال لي أيّ إنسان يأتي من عندك
نعالجهُ مجَّانًا، ومُحلِّل قال: أيّ إنسان تبعثهُ نُحلِّلُهُ مجّانًا، شيء
جميل، طبيب جرَّاح بعثْت له الأوّل والثاني والثالث والرابع، عمليَّة
تامَّة من دون مقابل
.
قدّم
اختصاصه لله عز وجل، هذا قدَّم خبرته، وهذا قدَّم حرفته، وهذا قدَّم وقته،
وهذا قدَّم عضلاته، ولكن من دون عمل مشكلة كبيرة جدًّا، الدِّين من دون
عمل صالح يُمَلّ ‍! سمع صلّى وصام ؛ كلّه يشبه بعضه !! أما إذا عمل صالحًا
يتألّق، ويصبح مثل المرجل، عجيب المؤمن، دائمًا عنده مشاريع الأعمال
الصالحة التي لا تنتهي، ينتهي عمرهُ، ولا تنتهي نواياه الطَّيّبة، فهذا
الإمام النووي رحمه الله، يمكن لا يوجد كتاب أبرق من هذا الكتاب ؛ رياض
الصالحين، ألَّفه ومات، كم إنسان استفاد منه ؟ جمع أحاديث صحيحة، ورتَّبها
ترتيبًا رائعًا، ضبطها، يمكن لهذا الكتاب من دون مبالغة مطبوع ألف طبعة،
ألَّف كتاب الأذكار، وكتاب بُغْية المحتاج وكتاب شرح مسلم، ثمَّ مات، وكذا
الإمام القرطبي، ترك هذا التفسير ويمكن ما من مسلم في هذا العالم إلا وقرأ
هذا الكتاب، طبعًا الدعاة، وينتفعون به، لذا اُتْرك علمًا، أو عملاً، أو
دعْوةً، أو ميْتَم، أو معهد شرعي، اعْمِل عملاً، هناك ثانويّات شرعيَّة،
الأعمال المتاحة للمسلمين والله لا يعلمها إلا الله، مرَّةً دُعيت تناول
طعام الإفطار في ميْتَم، طبعًا من أجل الورع هذا الطعام من إنسان، وليس من
أموال الأيتام، وقد ذُكِر هذا في بطاقة الدعوة، ثمَّ أكلنا أكلاً من مستوى
رفيع جدًّا، ثمّ فوجئت أنّ هناك مئتان أو ثلاث مئة أسرة بالشام صافِّين
بالدَّور لِصُنع طعام أيتام برَمضان، أسرة تشتغل خمسة أيّام لتقديم طعام
نفيس يُقدَّم للأيتام، نحن السَّنَتين الماضيَتين الإخوان الذين تبرَّعوا
بتقدمة مأدبة إفطار لطلاّب العلم الأجانب، بالمصطلح الشائع أكثر من عشرون،
وهناك قسم لم يُتَح لهم تقديم هذا، يا ربّ أنا طلاّب العلم أكرمتهم،
سكَّنتُ هذا بِبَيتٍ، وهذا أمَّنْتُ له حاجته، أبواب العمل الصالح لا تُعدّ
ولا تُحصى، ممكن أن تقدّم بيتًا، ممكن أن تقدِّم ثيابًا، ممكن أن تقدِّم
طعامًا، ممكن تقدّم مواد غذائيَّة، ممكن أن تقدّم مالاً، علمًا، خِبْرةً،
طبًّا، هندسة، كمبيوتر، ألف اختصاص موجود، وكلّ اختصاص يمكن أن يُوظَّف
بالخير، فالذي يلفت نظري أنا، الإنسان ماذا ينتظر ؟ الأيام تمضي، وبين
عشيَّة أو ضحاها يأتي ملك الموت، قال تعالى
:



﴿أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84)


[ سورة النمل ]


يقول كنا نخوض مع الخائضين، قال تعالى:



﴿وَكُنَّا
نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا
تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ
التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50)
فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51
)


[ سورة المدثّر ]


مستنفرة في الدنيا.
أيها
الإخوة هناك نقطة ثانية من لوازم الدرس، قد يقول أحدكم أنا ليس إمكانات،
من قال لك أنَّ أحدًا من بني البشر يملك إمكانات ؟ كلّ واحد منّا يملك أن
يسأل الله تعالى أن يُعينه، وما أنت فيه ليس من محصّلة جهدك إنّما هو
محصّلة دعاءك وطلبك، قد تكون إنسانًا أقلّ من عادي والله عز وجل يُجري عليك
من الأعمال الصالحة ما لا يُعدّ ولا يُحصى، هناك بالعالم الإسلامي أعلام
كبار، خيرهم لا ينتهي إلى يوم القيامة في عملهم الصالح، أضرب مثلاً، لو
أنَّ واحدًا يتقن اللّغة الإنجليزيّة، هل تعلم كم من الخير متاحٌ له ؟
أربعة مليارات أو خمسة من أشخاصٍ شاردين شعوب، لو ألّفْت كتابًا باللّغة
الإنجليزيّة ووضَّحت فيه معالم الدِّين، وعرَّفْت الناس بالإسلام، هذا عمل
عظيم، هناك قنوات للدَّعوة غريبة جدًّا، ممكن أن تؤلّف كتاباً باللّغة
الأجنبيَّة، ولك أن دخل إلى الإنترنت، فهناك آلاف القنوات الدَّعَويَّة،
هذا مُتَرجم وهذا باحث، وهذا منظِّم، يقول لك: قدَّمتُ لك الكتاب لوجه الله
تعالى، فأنا أدعوكم لأن تستفيدوا من هذا العمر الثمين الأمور الاستهلاكيّة
تافهةٌ جدًّا، أيّ شيء أكلته بالظهر فالكل مثل بعضه المهمّ شبعت، الذي أكل
أكلاً نفيسًا، والذي أكل سند ويش، بعد خمسة دقائق من انتهاء الطعام لا فرق
بينها، امتلأت المعدة بالطعام وانتهى الأمر أين أكلت ؟ وماذا أكلْت ؟ ماذا
لبسْت ؟ أشياء مستهلكة، ولا أثر لها مستقبلي أبدًا، أما لمَّا ينام
الإنسان ويقول: يا ربّ ماذا أفعل من أجلك ؟ ما العمل الذي تحبّ أن أفعلهُ
كي أصل إلى رِضاك ؟ هناك أعمال كالجبال، وكلّها متاحة لنا جميعًا، ولا يوجد
واحد أحسن من الآخر، ممكن أن تعملَ عملاً كالجبل، لأنّ الله يُعينك عليه،
قال تعالى
:


﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)


أنت
تقول: إيّاك نعبد وإيَّاك نستعين، أيْ يا ربّ أنا فقير، وأنت الغني، وأنا
ضعيف، وأنت القويّ، وأنا جاهل، وأنت العالم، عَلِّمني وأغْنني، وقوِّني
.
مرَّةً
ذكرتُ قصَّة ؛ أحدُ إخواننا مهندس لامع كلَّفه رجل ميسور أن يُعَمِّر له
جامع بأحد أحياء دمشق الجديدة، الجديدة زمنًا، أما هي ضعيفة، فبحث عن أرضٍ
ووجدها، وهي مناسبة، سأل عن سعرها اسْتقرّ السعر على ثلاثة ملايين ونصف،
جاء المحْسن الكبير لِيَرى الأرض، فكانت مناسبة، سأل عن مالكها، فقيل له
ورثها إنسان منذ شهر، عنده ثمانية أولاد ومعاشه أربعة آلاف، تفاوضوا على
السعر ثلاثة ملايين ونصف، عمل له شكّ بِمِليونين كدفعة أولى، فقال له: متى
الباقي ؟ فقال الباقي عند التنازل ‍فقال له أيّ تنازل ؟ قال له: بالأوقاف
‍‍!! فقال المالك: ولماذا ؟ فقال المحسن هذه القطعة سَتُبْنى جامعًا، فمسك
الشيك وقطعه، وقال له: أنا المالك، وأنا أولى أن أقدّمها لله منك !! يقول
هذا الغنيّ وهو الآن مريض، يقول: لم أصْغُرْ بِحياتي أمام إنسان كما صغرْت
أمام هذا الشخص، قد يكون معه خمس مئة مليون، وسيُعطيك ثلاثة ملايين ونصف،
ماذا نقص من هذا المبلغ الكبير ؟ أما هذا المالك كان فقيرًا، ولا يوجد من
هو بحاجة لهذا المبلغ مثله، راتبه أربعة آلاف، وعنده ثمانية أولاد !! وأرضٌ
ثمنها ثلاثة ملايين ونصف، فخجلاً من الله أن يشتريها منه إنسان ويبنيها
مسجدًا ثمّ بعدها وضعوه ناطورًا، وأعطيناها أربعة آلاف بالشهر فما رضي أن
يأخذها، خوفًا من أن يذهب أجره وثوابه، فقالوا له: أقلّ ناطور يأخذ أربعة
آلاف بالشهر، أراد أن يكرمه بوظيفة تابعة للمسجد فما رضي
.
لذا
يا ربّ أنا قدَّمت العلم، ويا ربّ أنا قدّمت هذه الأرض في سبيلك، ويا ربّ
أنا عمّرت هذا المسجد، فالإنسان لا يتألّق إلا بعملٍ صالح خالص لوجه الله
تعالى، قال تعالى
:



﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً﴾


[ سورة الكهف ]


هناك
طبيب من إخواننا أحترمه احترامًا لا حدود له، والسَّبب أنَّ له مناوبة
بمستشفى عام، أضلّ إلى الساعة الواحدة ليلاً أعتني بالمريض وكأنَّه أعطاني
مئتا ألف لأنّ واسطته الله، مريض وفقير موضوع بمستشفى عام ممكن أن تقف عنده
دقيقة واحدة، ساعتان يبقى هو، يرى التحاليل وطلب تحليل، وأعتني فيه عناية
تامّة لأنّ واسطته الله تعالى
.
يخرج
من المتشفى الساعة واحدة على آخر نفَس، وهناك من يبقى خمسة عشرة دقيقة، كل
مريض دقيقة، ويمشي، أما أن تعالج مريض فقير ليس له شيء إطلاقًا إلا رضاء
الله عز وجل، وتبقى معه حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً، ترى الصور
والتحاليل، وتضبط له أكله وشربه، وتراقب تطوّر حالته من يوم لآخر حتى يرضى
الله منك، أنا هذا الذي أريده من هذا الدرس، تعمل عملاً لا يهمّك المديح
ولا الثناء، ولا أن يُقال فلان، تريد وجه الله الكريم، حجمك عند اله بحجم
عملك الصالح
.
أحيانًا
تدخل دائرة تجد موظّف كريم يخْدمك من قلبه، وكأنَّه يعرفك من خمسين سنة،
وقد سمعْت، ولا أدري صحّة الخبر، مكتوب بالحُجْرة النَّبَوِيَّة حديث لرسول
الله: أفضل المعروف إغاثة الملهوف وهو بمعنى هذا الحديث
:


((إغاثة الملهوف فرض على كل مسلم))


[ رواه أبو حنيفة في المسند ]


مرَّةً
قال لي شخصٌ رأيْتُ إنسانة حاملة طفلاً صغيرًا وتبكي، ومعها زوجها الساعة
الثانية عشرة ليلاً، وكان راجعًا من لبنان أثناء أحداث لبنان، الابن كانت
حرارته واحد وأربعين على وشك الموت، ولا يعرفون أحدًا وفقراء، فأخذهم إلى
المستشفى وأسْعَفوهم، وصيدليّة مناوبة إلى الساعة الرابعة فجرًا حتى خلصْت،
فقال لي: والله عشرة أيّام وأنا أشعر بسعادة مرموقة أنت اسْمع الآية
:



﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً﴾


[ سورة الكهف ]


لا
تقل له من أين أنت ؟ هو عفريت ! أنت اخْدُمه وفقط، وهذه نزْعة أحْتقِرُها
بالإنسان، هذا عبْدٌ لله تعالى أمامك، أينما كان اُخْدمْهُ، واجْعَلْهُ
يعرف من هو المسلم أيها الإخوة الكرام، أتمنَّى أن يراجع الواحد منَّا نفسه
كلّ يوم، أنت تلقَّيْت العلم عشرة سنوات مثلاً فماذا صنعت ؟ هناك جهْد
عضلي، وجهْد فكري، وجهْد علمي، وجهد دعوي، ماذا تركت من أعمال ؟ الحقيقة
أنّ المؤمن مثلما قال الله عز وجل
:



﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾


[ سورة النحل ]


بأعماله
الصالحة تجده في قلوب الآلاف، وكلّما كثر عملنا الصالح كلّما كثر كلامنا،
ومن دون عمل نسقط من عين الله، وكلّما كثر عملنا وقلّ كلامنا نكْبُر في عين
الله، فقلِّل الكلام، وكثِّر العمل، هناك من يكثر الكلام، ويُقلّل العمل،
ينتقد، أنا قلتُ لكم مرَّة أحبّ بالدَّعوة التَّدَخّل الإيجابي ؛ لا
تُهاجِمْ أحدًا، ولا تنتقد أحدًا، ولا تُقيِّم أحدًا، ولا تلمِّح ولا تغْمز
ولا تهمز، قدِّم الإسلام واضحًا، وطبِّقْه بِحَياتك، وفقط وتكون بهذا أكبر
داعِيَة، بل ممكن أن تكون أكبر داعيَة وأنت ساكت، بعملك استقيموا
يُسْتَقَم بكم، هناك أعمال جليلة، لنا أخ كريم له معمل قال لي: عندي مهندس
له معاش يكفيه فقط، وجد في الطريق كيسًا أسْودًا فيه ثمان مئة ألف، بحث عن
صاحبها، وقدَّمها له طبعًا خلال يومين أو ثلاثة سأل المخافر، وقدّم له
أمانته، ولم يأخذ شيئًا وهذه أعمال صالحة، تردّ الأمانة لصاحبها، ترعى
يتيمًا، ذكر لي أخ أنّه وجد قطّة ممعوسة ولكنّها غير ميّتة أخذها على
المستشفى، وعالجها وانتظر إلى يوم الغد حتى أُجْريَت لها عمليّة، وأعطِيَت
مسكّنات، اشتغل يومين حتى أنقض هذه القطّة لوجه الله تعالى، فأتمنَّى من
كلّ واحد أن يقول: أنا ماذا أفعل ؟ لا يوجد من لا يستطيع تقديم شيء، وقد
علَّمنا النبي عليه الصلاة والسلام أنّ الإنسان إذا وقع بمُشكلة أو ضائقة،
أو همّ عليه أن يدْعوَ الله بِخالصِ عمله، يكن لك عملاً خالصًا لوجه الله
تجعله شفيعًا لك إلى الله إذا كانت عندك أزمة ؛ يا ربّ إن كنتُ فعلتُ هذا
ابتغاء مرضاتك قال لي أخ: والدي يشتغل تاجر غنم، وله رحلات طويلة في
البادية، قال لي: مرّة كان نائمًا بِخَيمة، ولعلّه كانت هناك امرأة عندها
رغبة زائدة وقعَت عليه، فدفعها وقال: إنِّي أخاف الله ربّ العالمين، وبعد
سنة أو سنتين تاه في البادية وكان معه غنم، وبلغ العطش درجةً عاليَة على
وشك الموت هو وغنمه، قال له: يا ربّ إن كنتُ تعفَّفت عن هذه المرأة قبل
عامٍ خوفًا منك فأنْقذنا الآن، وكلّ واحدٍ منَّا قد يكون له عمل خالص لوجه
الله، يبتغي به وجه الله
.
هناك
أخوة يعلّمون طلاب من دون مقابل لوجه الله ؛ سبت أحد و أثنين وثلاثاء،
يأتي من آخر الدنيا، أوّل ساعة وثانية وثالثة، من دون أن يريد شيئًا، وهذه
والله لن تجدها إلا بين المسلمين
.
مرّت
جرتْ بيني وبين إنسان مقابلة، وكان من بلدٍ أجنبي، يعمل دراسة عن علماء
دمشق فوصَل عندي، سألني كم درسًا تقدِّم فقلت له: كذا فقال: كم تتقاضى عليه
فقلت: لا آخذ شيئًا، لوجه الله، اخْتلّ توازنه، بالمنطق المادّي هذا نوع
من الجنون، تعطي ثمانية عشر درسًا من دون مقابل ! طبعًا نحن نعمل للآخرة،
دائمًا أضرب هذا المثل ؛ ملِكٌ قال لأستاذٍ: أعط ابني دروسًا، أحبّ الملك
أن يعطي المدرّس بيتًا وسيارة، ومبلغًا خمسة ملايين، فلمّا جاء الأستاذ
للابن وقال له: أودّ أجرتي منك ! أعطاه مئة ليرة !! فكلّ إنسان يطلب على
عمله الصالح أجر في الدنيا يكون بهذا يحتقر أجر الله عز وجل، أما المؤمن لا
يطلب إلا الأجر عند الله
.
مرَّةً
أذكر أخًا من إخواننا كان بينه وبين إخوانه خلاف، إخوانه بالسعوديّة وكانت
بينهم تجارة، وكانت هناك خسارة كبيرة فاختلفوا، وحدث شقاق في الأسرة
الواحدة فكلَّفوني أن أكون حكمًا بينهم، جلسْتُ أوَّل يوم وثاني يوم، وثالث
يوم، أذكر كلّ يوم إلى الساعة الثانية عشر، والله عز وجل يوفّقني أن أجد
حلاًّ وسطًا رضي به الجميع، أما أحدهم قال لي كلمة شعرتُ نفسي مُهانًا، قال
لي: كم ثمن جلوسك كلّ هذه الجلسات ؟!! فقلت: أنا لا محامي ولا قاضي، أنا
داعيَة، لا أريد منكم شيئًا، فكلمة: ما ثمن جلوسك هذه الجلسات إهانة، نحن
نبتغي وجه الله، قال تعالى
:



﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)


[ سورة الأنفال ]


هناك
أخ من إخواننا يبقى أربعة ساعات يحلّ مشاكل الناس، متخاصمَيْن أو
شريكَيْن، يسأل ويجيب، يكتب عنده، يحكم، من مدّة فقط موضوع أكثر من أسبوعين
كلّ يوم من التاسعة إلى الثانية عشرة أو الواحدة حتى تنحلّ المشكلة بين
شركاء محترمين، هذا هو العمل الصالح، أتمنَّى أنّ الإنسان يكون له عمل صالح
واضح مركّز يبتغي به وجه الله عز وجل، وإذا قال: ليس لي إمكانيّات يكون
بهذا لا يعرف الله عز وجل، فالإمكانيّات عند الله يمْنحها للصادق كانت هناك
نظريّة سابقًا، وهي نظريّة الإمكانات المحدودة ؛ أنّ كلّ إنسان له مستوى
ذكاء، وقُدرات محدَّدة مربوط بها، وهذه النَّظريّة تالفة الآن فالإنسان له
قدرات كامنة، إما أن تُفجَّر وإما أن لا تُفجَّر، فكلّ إنسان عنده
إمكانيّات لو اسْتغلَّها يكون علمًا من أعلام الأمّة، وكلّ من حوله، ألا
تستطيع أن تقيم جلسة لأولاد أختك فرضًا، جلسة أسبوعيّة تعطيهم فيها آية أو
أكثر، حديثين وقصّة، تربطهم بالدّين، وتجد مع مرور الأيّام هؤلاء البنات
تحجَّبوا، وهؤلاء الأولاد لزِموا المسجد، ألا يستطيع الواحد فيكم أن يجعل
لأقربائه، أو أصدقائه، أو جيرانه جلْسة أسبوعيّة، ويتلقّى العلم الجمعة
والسبت والأحد و الاثنين، ألا تستفيد من كلّ هذه الدروس بحديث أو خمسة
آلات، أو قصّة، وحكم فقهي، وشيء من السيرة، جمِّعهم لتحضير درس لِمَن هم
حولك ؛ أختك، بنات أختك، زملائك، أصدقاءك ؛ جَلْسةٌ لله تعالى، البلاد
كلّها جلسات وسهرات، وكلّها أذواق، ما من مجموعة إلا ويجتمعون ويأكلون
ويتكلّموا ويضحكوا، فإذا كنت أنت مؤمنًا اجْعَل دورًا دينيًّا، اقرؤوا صفحة
قرآن، يقرؤُها كلّ واحد، يرَوا تجويده، وواحد يشرح شيئًا من معاني هذه
الصفحة، شيء ممَّا قيل في درس الجمعة أو درس الأحد، مذاكرة تقريبًا،
تآنسْنا بِبَعضنا ربطنا بعضنا برِباط الإيمان، فالإيمان بناء كبير يُبْنى
لَبِنَةً لبنَة فكلّ حقيقة تُضاف إلى قناعاتك، وكلّ حديث صحيح تفهمهُ فهمًا
عميقًا يُضاف إلى ذخيرتك، وكلّ قصّة مؤثِّرة تُضاف إلى معلوماتك، فأنا
أردت من هذا الدرس أن يكون باعثًا لكم على العمل الصالح يُقدَّم للمسلمين،
وكلّ واحد بِمَوقف، هل منَّا من ليس له موقف معنا بالحياة ؟ لك موقف، وعندك
إمكانيّان، فهل بالإمكان أن توظّف هذا الموقع، وهذه الإمكانية للخير،
ولعملٍ صالح
.
بمعرض
الكتب تجد قصص إسلاميّة رائعة جدًّا، إنسان عكف على تأليفها مرَّةً راجعتُ
آية من القرآن في تفسير من التفاسير، تأثَّرْتُ كثيرًا من شرحها، شرحٌ
واضحٌ جدًّا، فجَعَلتها موضوع الجمعة للخطبة، ومن باب الوفاء تأثَّر
الإخوة، وعبَّروا عن تأثّرهم بكلمات ؛ جزاك الله خيرًا، أنا بعدما انْتَهت
الخطبة قلت: هذا الذي ألّف هذا التفسير ومات، وترك هذا التفسير، بعد ألف
سنة قرأت هذه الآية وأعْجبتني، وجعلتها خطبة وسمعها خمسة آلاف إنسان،
ومُسجّلة بالأشرطة، ويُذيعونها بإذاعات عديدة، فهذا الإنسان الذي ألّف هذا
التفسير كم له من الأجر ؟‍ هنا ‍؛ قال عليه الصلاة والسلام
:



(( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))


[ رواه مسلم ]


مرَّة
بلبنان فتحوا لي على إذاعة إسلاميّة لدار الفتوى فإذا بصوت أحد العلماء
وهو مُتوفَّى رحمه الله، قالوا المرحوم فلان، تأثَّرْت تأثُّرًا بالغًا،
فقد صار في القبر هو، ويذاع له كلّ يومين شريطَين أو ثلاثة بكلّ العالم
العربي تقريبًا، فأنت لا تعلم بخمسين سنة قادمة أو مئة سنة تُذاع دروسه على
الناس وهو ميِّت، أعضاؤه مكاحل، هذا عمل، تكون لك دعوة، وتترك عملاً، أو
أخًا مؤمنًا، ولد صالح، كتاب مؤلَّف، أما أن تعيش على الهامش أكلنا شربنا
سهرنا نمنا انبسطنا ضحكنا، صار تجلّي بهذه السهرة، وإلى متى هذا ؟ وهذا شيء
متكَرِّر، الإنسان إلى كم، الخامسة والثمانين، ثمّ بعدها يموت
.
أيها
الإخوة، وأنا في طريقي جاءني خاطر على هذا الدرس، وقد كنت هيَّأتُ درسًا
لدرس الأحد، ولكن في طريقي إلى المسجد، قلت هذا الأخ من باب النصيحة لازم
أن يقدّم شيئًا للمسلمين، فيجب أن يحمِلَ همّ المسلمين، والشيء الثاني
يقدّم شيئًا للمسلمين، يا ربّ هذا الذي فعلتُهُ في سبيلك
.
أنا
لا أنسى موقف أحد إخواننا رحمه الله، هناك أخوّة قريبة، وأخوَّة وسط،
فالعلاقة كانت بيننا، فسهرنا مرَّةً، وكان معه مرض وتوفّي، ذهبتُ إلى
جنازته فقام أحد العلماء وكان تلميذه فقال: أخوكم فلان كان مؤذِّنًا
فترحَّموا عليه ! هذا هو التقديم كلّه، ثانيتان فقط، ألا يوجد شيء آخر ؟
بيته كان جميلاً جدًّا، صاحب معمل كان، أذواقه بالدنيا من أعلى ما يكون،
وهو كان فقط مؤذِّنًا، فالإنسان الذي يعمل العمل الصالح يُحكى عنه بدقيقة
أو دقيقتين، فعند الموت ماذا يحكى عن الميّت ؟ هل نقول بيته جبصين ؟!! عنده
ثلاثة سيارات ؛ واحدة لنزهة والأخرى للمدينة وأخرى للحاجات !!! وعنده طقم
فاخر...ماذا يُحكى عند الموت ؟ العمل الصالح فقط، ولا غير، ماذا قدَّم
للإنسانيَّة ؟ وماذا قدَّم للأمّة من عمل صالح ؟ إذا توفّي واحد نقول عنه:
رحمه الله، فالإنسان بالنهاية يقال عنه كلمتين ؛ إما يرحمه الله، وإما
الثانية، إذا كان له عمل طيّب تخرج كلمة يرحمه الله من الأعماق، وإما أن
يقولوا عنه كلمة أخرى والعياذ بالله، أيّها الإخوة أرجو أن يكون هذا الدرس
باعثًا لكم، بشكل واضح واضح ركِّز ؛ ماذا أستطيع أن أقدِّم للمسلمين ؟ لنا
أخ في أمريكا اختصاصه لغة إنجليزية فقال: أبي ماذا أفعل ؟ فقلتُ له: لك أن
تؤلِّف كتاب عن معاني كلمات القرآن بالإنجليزيّة والعربيّة، فقدَّمه واشتغل
فيه سنَتَين، وهو الآن على وشك الطَّبع، كلّ الجاليَة الأمريكيّة بأمريكا
هذا الكتاب بالبيت، تأتي كلمة مثلاً، أبًّا، في قوله تعالى
:



﴿وَفَاكِهَةً وَأَبّاً (31)


[ سورة عبس ]


ما
هي أبًّا هذه ؟ فالذي عربيّته ثقيلة يجد هذه الكلمة بالإنجليزيّة، قدَّم
الكتاب لوجه الله، تجد أحيانًا كتابًا مطبوع، وحقوق النشر غير محفوظة، فهي
لكلّ مسلم دون قيْد أو شرْط، عكس كلّ كتب الأرض، تحت طائلة المسؤولية، ولا
طبع ولا اقتباس ولا كمبيوتر، ولا تنضيد ضوئي، ولا ولا...أما هذا يقول لك:
حقوق الطبع مبذولة لكلّ مسلم من دون قيد أو شرط، اطْبَع وانْشُر، ولا نريد
منك شيئًا، يريد الله عز وجل
.
فيا
أيها الإخوة، كلّ واحد يُراجع حساباته، أنت لك هويَّة في المجتمع ولك
اختصاص وحِرْفة، إنسان مهندس زراعي ألا يستطيع أن يرعى نباتات المسجد ؟
ممكن، إنسان مختصّ بشيء من الأشياء ألا يستطيع تقديمها للجامع ؟ طبعًا
يستطيع، أو إلى معهد شرعي، وكلّ واحد بِحَسب إمكانيّاته، والله عز وجل هو
ربّ النوايا، وحينما تريد شيئًا بِصِدقٍ يُحَقَّق
.










والحمد لله رب العالمين












جزا الله تعالى كل الخير للشيخ الفاضل




محمد النابلسي




والاخوة القائمين على هذا العمل الطيب وتقديمه لاخوانهم المسلمين







اخوكم في الله مصطفى الحمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour
.
.
nour


انثى
عدد المساهمات : 2866

انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Empty
مُساهمةموضوع: رد: انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح،   انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأحد يناير 08, 2012 2:39 pm

انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، 12629d1324897584
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الاستاذ ابراهيم
.
.
الاستاذ ابراهيم


ذكر
عدد المساهمات : 3855
تاريخ الميلاد : 16/11/1967
العمر : 57

انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Empty
مُساهمةموضوع: رد: انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح،   انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء يناير 11, 2012 12:12 pm

بارك الله فيك اخي الفاضل

وجزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح،
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العمل الصالح في عشر ذي الحجة
» إخبار الله تعالى بما وقع من البعث الحسي المشاهد في الحياة الدنيا .
» فائدة الصديق الصالح يوم القيامة
» منهاج الحياة لمن يريد العطاء في الحياة
» صور من ورع السلف الصالح

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر :: المنتدى الإسلامي :: العقيدة الإسلامية الصحيحة-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت حجة الوداع
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأحد يناير 31, 2016 4:20 pm من طرف fatiha

»  امتحانان تجريبيان لغة + رياضيات+ فرنسية مع التصحيح س 5
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالسبت مارس 28, 2015 3:42 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ عبد الرزاق زروقي حول الدوال العددية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 10:20 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ بك علي حول الهندسة الفضائية للسنة الثالثة ثانوي بكالوري
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 10:18 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ حول الدوال الأسية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:58 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ بك علي حول الدوال للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:56 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» تمارين من إعداد الأستاذ بك علي حول الأعداد المركبة والتحويلات النقطية ثالثة ثانوي
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:54 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» تمارين تطبيقية رائعة حول الدالة الأسية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:52 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» 28تمرين و 14 مسائل في الدالة االوغاريتمية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:50 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» مطويات كليك ملخصة لدروس الرياضيات للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:47 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» 18تمرين و 10 مسائل في الدالة الأسية للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2015
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:44 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» سلسلة تمارين من إعداد الأستاذ عبد الرزاق زروقي حول دراسة خصائص المنحنيات
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء مارس 11, 2015 9:41 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» الوحدة3:فعل الأرض على جملة ميكانيكية
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأحد مارس 08, 2015 4:23 pm من طرف fatiha

» حلول تمارين الكتاب المدرسي رياضيات أولى ثانوي علوم + آداب
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالجمعة مارس 06, 2015 1:05 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» إجابة العمل المخبري2:قياس قيم أفعال مختلغة
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالسبت فبراير 28, 2015 3:32 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» اين انتم ياااااااااساتذة؟؟؟
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالسبت فبراير 28, 2015 3:30 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» عمل مخبري2:قياس قيم أثقال مختلفة
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالسبت فبراير 28, 2015 3:29 pm من طرف الاستاذ ابراهيم

» الدارة الكهربائية
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالإثنين فبراير 09, 2015 3:49 pm من طرف fatiha

» التوتر والتيار الكهربائيان المتناوبان
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالأربعاء يناير 28, 2015 7:31 pm من طرف fatiha

» الاختبار الثاني في مادة التربية الإسلامية
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Icon_minitimeالثلاثاء يناير 27, 2015 3:56 pm من طرف لحن الامل

لايك وفلاو
انَّك في هذه الحياة الدنيا مخلوقٌ للعمل الصالح، Fb110
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط البوابة الرسمية للأساتذة بالجزائر على موقع حفض الصفحات
سحابة الكلمات الدلالية
للسنة لدروس متوسط مقترحة ملخصات شاملة والجغرافيا الرابعة التاريخ مواضيع المدنية والتربية