[size=16]قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: (وهم فرحون بما هم فيه من
النعمة والغبطة، ومستبشرون بإخوانهم الذين يقتلون بعدهم في سبيل الله أنهم
يقدمون عليهم، وأنهم لا يخافون مما أمامهم ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم،
نسأل الله الجنة)، وقال محمد بن إسحاق : " وَيَسْتَبْشِرُونَ " أي: ويسرون
بلحوق من لحقهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم؛ ليشركوهم فيما هم
فيه من ثواب الله الذي أعطاهم، قال السدي : يؤتى الشهيد بكتاب فيه: يقدم
عليك فلان يوم كذا وكذا، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا، فيسر بذلك كما يسر
أهل الدنيا بغائبهم إذا قدم.
قال سعيد بن جبير : لما دخلوا الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء
قالوا: يا ليت إخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما عرفناه من الكرامة، فإذا
شهدوا القتال باشروها بأنفسهم حتى يستشهدوا فيصيبوا ما أصبنا من الخير،
فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمرهم وما هم فيه من الكرامة، وأخبرهم
- أي: ربهم -: أني قد أنزلت على نبيكم وأخبرته بأمركم وما أنتم فيه
فاستبشروا بذلك، فذلك قوله: " وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ
يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ " الآية.
وقد ثبت في الصحيحين عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة السبعين من الأنصار
الذين قتلوا في غداة واحدة، وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على
الذين قتلوهم ويلعنهم، قال أنس : ونزل فيهم قرآنٌ قرأناه حتى رفع: (أن
بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا) .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإِفتاء
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين