قصص للفرج بعد الشدة ( قصص رائعة و معبرة ) .--------------------------------------------------------------------------------
( إذا جاء نصر الله و الفتح * و رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان توابا ) .
( ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * و رفعنا لك ذكرك * فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا * فإذا فرغت فانصب * و إلى ربك فارغب ) .
كنت أقرأ كتابا بعنوان ( 150 قصة للفرج بعد الشدة ) و محتوى الكتاب عبارة عن مجموعة من القصص تتحدث عن أناس ألمت بهم النكبات و المصائب ....... فلجأوا إلى الله تعالى ........ فهو مفرج الهم و الكرب و كاشف الغم ..... و الفرج قريب ، و فرج الله نصرة للمؤمنين .
و قد شدتني بعض القصص ......... فأحببت أن تشاركوني فيها .......... أتمنى أن تستفيدوا و تأخذوا العظه و العبر ...............
يا مغيث أغثني أخرج ابن أبي الدنيا في كتابه ( مجابى الدعوة ) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال:
كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يكنى أبا معلق ، و كان تاجرا يتجر بماله له و لغيره ، و كان له نسك وورع ( ورع : أي له عبارة من صلاة و ذكر الله و تقوى و خشية الله ) ، فخرج مرة ، فلقيه لص مقنع في السلاح ، فقال : ضع متاعك فإني قاتلك :
قال أبو معلق : شأنك بالمال.
قال اللص : لست أريد إلا دمك .
قال: فذرني أصلي.
قال: صل ما بدا لك .
فتوضأ ثم صلى ، فكان من دعائه :
يا ودود ، يا ذا العرش المجيد ، يا فعالا لما يريد أسألك بعزتك التي لا ترام ، و ملكك الذي لا يضام ، و بنورك الذي ملأ أركان عرشك ، أن تكفيني شر هذا اللص ، يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني .
فإذا هو بفارس ، بيده حربة رافعها بين أذنى فرسه ، فطعن اللص فقتله ، ثم أقبل على التاجر ، فقال : -أي التاجر - : من أنت ؟ فقد أعانني الله بك .
قال : إني ملك من أهل السماء الرابعة ، لما دعوت ، سمعت لأبواب السماء قعقعة ، ثم دعوت ثانيا فسمعت لأهل السماء ضجة ، ثم دعوت ثالثا فقيل : دعاء مكروب ، فسألت الله أن يوليني قتله .
ثم قال : أبشر و اعلم أنه من توضأ و صلى أربع ركعات و دعا بهذا الدعاء استجيب له ، مكروب أو غير مكروب .
يا أرحم الراحمين عن الليث بن سعد قال : بلغني أن زيد بن حارثة رضي الله عنه اكترى ( أي استأجر ) من رجل بغلا من الطائف - و اشترط عليه المكرى أن ينزله حيث شاء ، قال : فمال به إلى خربة ، فقال له : انزل ، فنزل ، فإذا في الخربة قتلى كثيرون .
قال : فلما أراد أن يقتله قال له زيد :
دعني أصل ركعتين .
قال : صل فقد صلى قبلك هؤلاء ، فلم تنفعهم صلاتهم شيئا .
قال : فلما صليت أتاني ليقتلني ، فقلت : يا أرحم الراحمين .
فسمع صوتا : ( لا تقتله ) ، فهاب الرجل ذلك ، فخرج فلم يجد شيئا ، فرجع إلى زيد ليقتله فقال زيد : يا أرحم الراحمين .
فسمع صوتا : لا تقتله .
فهاب الرجل و خرج ينظر فلم يجد شيئا .
فعاد ليقتل زيدا ، فقال : يا أرحم الراحمين .
فإذا بفارس على فرس في يده حربة حديد ، في رأسها شعلة من نار ، فطعنه بها ، فأنفذها من ظهره ، فوقع ميتا .
ثم قال لزيد :
لما دعوت المرة الأولى : يا أرحم الراحمين ، كنت في السماء السابعة ، فلما دعوت المرة الثانية : يا أرحم الراحمين ، كنت في سماء الدنيا ، فلما دعوت في الثالثة : يا أرحم الراحمين ، أتيتك .
قلت : إنه الفرج بعد الشدة ، و الإخلاص في اللجوء إلى الله و عدم القنوط من رحمته ، فهو مجيب دعاء المضطرين و كاشف الغم و البلاء و السوء ، سبحانه و تعالى .
بلال بن رباح و الفرج بعد الشدة الصحابي الجليل بلال بن رباح ، كان عبدا مملوكا لأمية بن خلف ، و كان آدم شديد الأدمة - أي شديد سواد اللون - نحيفا طويلا ، أسلم قديما بمكة و هو عبد مملوك ، فكان ضمن السبعة الأوائل الذين أظهروا الإسلام .
عذبه المشركون حين علموا بإسلامه و جعلوا يقولون له : ربك اللات و العزى ، و هو يقول : أحد ، أحد .
و أخرجوه إلى حر مكة الشديد في الصحراء ثم يسحبونه على الرمال الساخنة الملتهبة و يضعون على صدره الحجر الكبير و هو يردد : أحد ، أحد .
و مر عليه يوما ورقة بن نوفل و هو يعذب و يقول : أحد ، أحد ، فيقول ورقة : أحد أحد و الله يا بلال .
ثم يقبل ورقة بن نوفل على أمية بن خلف عليه اللعنة و هو يصنع ذلك ببلال فيقول : أحلف بالله عز وجل إن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا .
و ظل بلاب يعذب في الله كل يوم حتى مر به أبو بكر الصديق يوما و هم يصنعون ذلك به فقال لأمية : ألا تتقي الله عز وجل في هذا المسكين ؟ حتى متى ؟ .
قال أبو بكر : أفعل ، عندي غلام أسود جلد - أي قوي - و هو على دينك ، أعطيكه به .
قال أمية : قد قبلت .
قال : هو لك .
فأعطاه أبو بكر غلامه ذلك ، و أخذ أبو بكر بلال فأعتقه لله و أعتق معه أيضا قبل الهجرة ست رقاب غير بلال رضي الله عنه .
و هكذا جاءه الفرج بعد الشدة و صار من العبودية إلى الحرية و من الكفر إلى الإسلام .
و كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول :
كان أبو بكر سيدنا و أعتق بلالا سيدنا .
و أصبح بعد ذلك مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو أول من أذن و رفع الأذان فوق الكعبة المشرفة يوم فتح مكة المكرمة ، بل هو أول من أذن للصلاة في الإسلام .. رضي الله عنه و أرضاه .
عمار بن ياسر و الفرج بعد الشدة أسلم عمار بن ياسر قديما . بمكة هو و أمه سمية بنت خياط و أبوه ياسر ، و قد عذب المشركون تلك الأسرة المسلمة و كان يمر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم و هم يعذبون بمكة فيقول لهم : صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة .
و قتل أبوه ياسر و أمه من التعذيب على أيدي المشركين فكانا أولى شهيدين في الإسلام .
و ظل عمار يعذب بعد استشهاد أبيه و أمه ، و يحرقونه بالنار ، و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر به و يمر يده على رأسه و يقول : يا نار كوني بردا و سلاما على عمار كما كنت على إبراهيم عليه السلام .
و قد دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
اصبر ، اللهم اغفر لآل ياسر ، قال : و قد فعلت .
و أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب رسول الله صلى الله عليه وسلم و ذكر آلهتهم بخير ، فلما أتى الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ما وراؤك ؟
قال : شر يا رسول الله ، ما تركت ( بضم التاء ) حتى نلت منك ، و ذكرت آلهتهم بخير .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكيف تجد قلبك ؟
قال : أجد قلبي مطمئنا بالإيمان .
قال : فإن عادوا فعد .
و هكذا فرج الله شدته و همه و رضى عنه ، و قد مات عمار في معركة صفين و هو يحارب مع علي بن أي طالب رضي الله عنه الفئة الباغية عليه و هم جيش الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عام 37 هـ و كان عمره وقتها نحو ثلاث أو أربع و تسعين سنه رضي الله عنه و أرضاه .
الفرج بعد الشدة للمريض قال الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله :
حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني سعيد ابن أبي أيوب عن عبد الرحمن بن علي عن عبد الله بن جعفر :
أن رجلا أصابه مرض شديد ، منعه من الطعام و الشراب و النوم ، فبينا ( فبينما ) هو ذات ليلة ساهرا إذا سمع جلبة شديدة - أي صوت شديد - في حجرته ، فإذا هو كلام ، فوعاه ، فتكلم به ، فبرأ مكانه ، و هو : اللهم أنا عبدك و بك أملي ، فاجعل الشفاء في جسدي ، و اليقين في قلبي ، و النور في بصري ، و الشكر في صدري ، و ذكرك بالليل و النهار على لساني ، و ارزقني منك رزقا غير محظور و لا ممنوع .
و هكذا يأتي الفرج بعد الشدة للمريض بإذن الله .
الباحث عن الرزق و الفرج بعد الشدة كان رجل ذو مال و نعمة فزالت عنه و افتقر حاله و كانت له زوجة و أربعة أبناء ، فحبلت زوجته ، و أخذها المخاض في الليل ، فخرج الرجل هاربا يبحث عن مال ليطعم زوجته ، فمشى حتى غادر بغداد إلى جسر النهروان ، كي يطلب من عاملها الذي يعرفه فيعطيه رزق شهر ، فقعد ليستريح بالقرب من بقال ،
فإذا بساعي البريد قد جاء للبقال ووضع مخلاته ( الحقيبه التي يحملها ساعي البريد على كتفه كي يضع فيها البريد ) و عصاه و قال للبقال :
أعطني كذا و كذا من خبز و تمر و إدام ، فأعطاه ، فأكل و أعطاه الثمن .
فلما فتح مخلاته و أخرج ما بها من رسائل رأى الرجل رسالة له مع ساعي البريد ، فقال للساعي : هذا الكتاب لي .
قال الساعي : أتدري ما تقول ؟
فقال له : قد قلت الصحيح ، فإن مضيت إلى بغداد ، لم تجد صاحب الرسالة .
فقال له : أهاهنا إنسان يعرفك .
قال : نعم ، عامل البلدة . فذهبا إلى عامل البلد و هو المسئول عنها مثل المحافظ أو الوالي ، فقال له : من أنا ؟ و أين منزلي ببغداد :
فقال له : أنت فلان ، و منزلك في بغداد بمدينة المنصور في سكة كذا و كذا .
فقال للساعي : عرفت صدقي .
قال الساعي : نعم .
و أعطاه الرسالة ، فإذا هي مرسلة إليه كي يحضرإلى الدينور لاستلام ميراث له تركه له ابن عمه المتوفى الذي أوصى بثلث التركة لأعمال الخير و الثلثين له .
فورث من ابن عمه نحو عشرة آلاف دينار و عاد إليه الفرج و الفرج بعد الشدة و الغم و لله الحمد .
فقد خرج يبحث عن رزقه فوجد رزقه يبحث عنه . و سبحان الرزاق
آسيا امرأة فرعون و الفرج بعد الشدة إنها آسية بنت مزاحم زوجة عدو الله فرعون .
قال قتادة : كان فرعون أعتى أهل الأرض و أكفرهم ، فو الله ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها ، ليعلموا أن الله تعالى حكم عدل لا يأخذ أحدا إلا بذنبه .
و من مناقبها أنها ربت موسى عليه السلام و آمنت برسالته فأرسل إليها فرعون حين علم إسلامها و إيمانها بالله فقال : انظروا أعظم صخرة تجدونها ، فإن مضت على قولها فألقوها عليها و إن رجعت عن قولها فهي امرأتي فلما آتوها رفعت بصرها إلى السماء فدعت الله عز وجل : ( رب ابن لي عندك بيتا في الجنة و نجني من فرعون و عمله و نجني من القوم الظالمين )
( التحريم : 11 )
و كانت تعذب في الشمس ، فإذا انصرف عنها فرعون أظلتها الملائكة و كانت ترى بيتها في الجنة ، و فرج الله عنها شدتها و كربها فأسكنها جنته و نجاها من فرعون و عمله فقبض الله روحها و هي ضاحكة بعد أن رأت بيتها في الجنة .
اللهم أرنا عفوك عن ابن الوليد قال : كنا في البحر فهبت الرياح و هاجت الأمواج ، و كان على السفينة إبراهيم بن أدهم رحمه الله ، فلف رأسه بثوبه و نام في ناحية السفينة .
فجاءه الناس يسألونه الدعاء لهم فقالوا :
- يا أبا اسحاق أما ترى ما نحن فيه .
فقال : اللهم قد أريتنا قدرتك ، فأرنا عفوك .
فهدأت الأمواج و نجت السفينة.
الفرج بعد الشدة يوم حنينيوم حنين من الأيام المشهودة في التاريخ الإسلامي الأول أيام النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء بعد فتح مكة المكرمة مباشرة بأيام ، حين اجتمعت هوازن و ثقيف على قتال النبي صلى الله عليه و سلم بعد أن فتح الله عليه مكة ، فخرج إليهم الرسول صلى الله عليه و سلم و معه جيش الفتح و كان قوامه عشرة آلاف مقاتل و انضم إليهم مسلمة الفتح من أهل مكة و كانوا نحو ألفي رجل ،
و كانت أول معركة يفوق عدد المسلمين جيش الكفار ، حتى قال بعض المسلمين يومها : لن نغلب ( بضم النون ) اليوم من قلة .
و دخل المسلمون المعركة و هم واثقون من النصر لكثرة عددهم ، و قد أعجبوا بذلك و نسوا أن النصر ليس بالعدد و العدة ( بضم العين ) و إنما النصر من عند الله عز وجل ، فكان الدرس الإلهي لهم يومها ، فقد انهزموا أول المعركة .. في البداية حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، و لم يبق صامدا إلا الرسول صلى الله عليه و سلم و معه مائة من الصحابة و أنزل الله الملائكة تحارب معهم و تقاتل حتى انتصروا و نادى النبي صلى الله عليه و سلم على الجيش المسلم كي يعود إلى ساحة القتال و قد انكشف جيش الكفار و انهزم .
قال تعالى : ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله و على المؤمنين و أنزل جنودا لم تروها و عذب الذين كفروا و ذلك جزاء الكافرين * ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء و الله غفور رحيم ) .
( التوبة : 25 ، 27 ) .