من أجل أن نكون ممن قدَّر القرآن .
إنَّ هذا القرآن الذي بين أيدينا قرآن كامل، نقلنا الله به من الشقاء
إلى السعادة، ومن الضلالة إلى الهدى، ومن العمى إلى النور،
فيجب علينا أن نقوم بالواجبات تجاهه، ويجب علينا أن نستشعر
الأعمال التي يقوم بها أهل الإسلام تجاه كتاب الله، فمن هذه الأعمال:
v أن نؤمن بما في هذا القرآن، فكلما جاءنا شيء في القرآن؛
سلَّمنا به، وصدقنا به، ولم نقدِّم بين يدي الله ويدي
رسوله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا من الترهات، ولا من الآراء
ولا من المعتقدات ولا من النظريات، ولم نجادل فيه؛ لأنَّه كلام
رب العالمين، والله -جلَّ وعلا- يقول:
{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلًا}
[النساء: 122]، ويقول:
{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا}
[النساء: 87].
v طاعة الأوامر الإلهية الواردة في كتاب الله -جلَّ وعلا-؛ فإنَّ الله
علَّق الرحمة بطاعته -سبحانه وتعالى-:
{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
[آل عمران: 132]،
وطاعة الله تكون بالاستماع إلى أوامر القرآن، والعمل بها
وتنفيذها، وعدم المجادلة فيها، ولذلك إذا أردت أن تعرف مقدار
إيمانك؛ فانظر هل إذا جاءتك الأوامر الإلهية؛ بادرت إلى امتثالها،
وصدقت بما فيها، وفعلت ما أمرك الله؟ أم تخاذلت وسوَّفت،
ولم تستجب لهذه الأوامر؟ ولذلك قال سبحانه:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا
أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}
[الأحزاب: 36].
v قراءة هذا الكتاب، بحيث يجعل المؤمن جزءًا من وقته في قراءة
القرآن، سواء كانت هذه القراءة حفظًا عن ظهر قلب، أو كانت
هذه القراءة نظرًا في المصحف؛ ذلك لأنَّ المرء مثابٌ في الحالين
جميعًا، ولذلك جاءت النصوص ترغِّب في قراءة القرآن، يقول الله –سبحانه-:
{فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}
[المزّمِّل: 20]، ويقول
النبي-صلى الله عليه وسلم-:
(اقرءوا القرآن؛ فإنَّه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه)،
وقراءة القرآن يؤجر الإنسان عليها بمجرد القراءة، سواءً فهم
ما يقرأه أم لم يفهمه، فإذا فهمه وتدبره؛ استحق أجرًا آخر.
v استماع الآيات القرآنية، سواءً كان ذلك الاستماع من خلال
إذاعة القرآن، أو كان ذلك الاستماع من خلال الأشرطة الصوتية
؛ فإنَّ المرء يُؤجَر باستماعه لكتاب الله-عزَّ وجل-، ثم يؤجر على
تفكُّره وتدبره للآيات المتلوة، فإنَّ الله-عزَّ وجل- قد أمرنا باستماع القرآن
{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
[الأعراف: 204].
v تدبُّر آيات القرآن، وتفهُّم ما يُتلى من معاني آيات القرآن؛
فإنَّ الله -جلَّ وعلا- قد أنزل هذا الكتاب من أجل تدبره،
{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}
[ص: 29]،
ولذلك عاب الله-عزَّ وجل- على الذين لا يتدبرون القرآن،
فقال سبحانه:
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}
[محمد: 24]،
وقال سبحانه:
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}
[النساء: 82].
v تعلُّم هذا القرآن، سواءً كان ذلك التعلُّم تعلُّمًا ليصحح قراءته،
أو كان ذلك من خلال تعلُّم معاني القرآن، بأن نقرأ تفاسير هذه
الآيات، أو نستمع لكلام العلماء الذين يشرحون معاني الآيات
القرآنية، فإنَّ هذا من خير الأعمال، كما قال
النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(خيركم من تعلم القرآن وعلمه)[1].
v تعليم هذا الكتاب، سواءً كان هذا التعليم تعليمًا لطريقة النطق
بالكتاب، أو تعليمًا لمعاني الكتاب، أو تعليمًا للأعمال الصالحة
التي أرشد إليها الكتاب.
v أن نعتقد أنَّ هذا الكتاب حاوٍ على الخير، جامع لأنواع الفضائل،
وأنَّه منهجٌ للحياة يسير عليه أهل الإيمان، وأنه شامل لم يترك
شيئًا من أحوال الناس إلَّا وقد نظَّمها وأتى بها، كما قال سبحانه
: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً
وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}
[النحل: 89].
v احترام هذا الكتاب، والقيام بالآداب العظيمة التي ورد في
الشريعة بوجوب التزامها أو استحباب التزامها تجاه هذا الكتاب،
ومن احترامه أن لا نجعله في مكان ممتهن، وأن لا نجعله على
الأرض، وأن لا نجعله في مكان يُستقبح وجوده فيه، وأن
لا نمسه إلَّا ونحن طاهرون، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-
: (لا يمسُّ المصحف إلَّا طاهر)[2]،
فكلُّ ذلك يجب أن نتعلمه
لأجل أن نكون ممن قدَّر كلام الله-عزَّ وجل-.
v الدعوة لهذا الكتاب، فإنَّ المؤمنين يحرصون على دعوة الناس
إلى التمسك بهذا الكتاب، والعمل به، قال سبحانه:
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
[فصلت: 33]،
ويقول -جلَّ وعلا-:
{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي
وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
[يوسف: 108].
v أن نعتقد أنَّه هو المصلِح لأحوال الناس في جميع شؤونهم،
كما نعتقد أنَّه الحكم الذي يُتحاكَم إليه في كل أحوال الناس.
v الحرص على نشر الآيات القرآنية، سواءً كان ذلك بطباعة
المصاحف، أو بتسجيل الأشرطة لتلاوة الآيات القرآنية.
v أن نحفظ شيئًا من الآيات القرآنية، مع تكرار هذا الحفظ
وتعاهده، فقد ورد في الحديث الصحيح أنَّ النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (تعاهدوا القرآن؛ فإنه أشد تفلتًا من الإبل في عُقُلِها)