" الرضا "
إخوتي : هل نرضى بما قسمه الله لنا ؟؟؟
أخي : هل ترضى بما قسمه الله لك ؟؟؟
هل ترضى بعملك ورزقك المقسوم لك ؟؟؟
أختي: هل ترضين بما قسمه الله لك ؟؟؟
فلنرضَ يا إخوتي بما قسمه الله لنا ... فلنرض حتى يرضينا الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[size=21]"مــن قال رضيت بالله ربا وبالإسلام ديناً ،]وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، وجب على الله أن يرضيه"وفى أخبار موسى أن بني إسرائيل قالوا له سل لنا ربك أمراً ، إذا نحن فعلناه يرضى به عنا، فقال موسى إلهي قد سمعت ما قالوا : فقال : ( يا موسى قل لهم يرضون عني حتى أرضى عنهم) .
وقال الله في الحديث القدسي
( يا ابن آدم ، عندك ما يكفيك ، وأنت تطلب ما يطغيك . . لا بقليل تقنع ، ولا بكثيرتشبع .. إن أنت أصبحت معافى في جسدك ، آمناً في سربك ، عندك قوت يومك ، فقل على الدنيا الإعفاء ) فـعلى الإنسان أن يقنع بما قدره الله له ولا يطلب المزيد عن حاجته ،
فإن كان معافى في جسده من الأمراض، ويعيش في أمان دون خوف،
ويملك قوت يومه فلا يبيت جوعان
وجب عليه بهذه النعم الثلاثة
أن يحمد الله ولا يطلب شيئاً آخر من نعيم الدنيا .
" اللهم رضنا بقضائك ، حتى لا نحب تعجيل ما أخرت ، ولا تأخير ما عجلت "
وقال الله تعالى في الحديث القدسي :
( عـبدي خلقتك لعبادتي فلا تلعب ، وقسمت لك رزقك فلا تتعب ،
إن قلّ فلا تحزن، وإن كثر فلا تفرح ...
إن أنت رضيت بما قسمته لك أرحت بدنك وعقلك وكنت عندي محمودا ...
وإن لم ترض بما قسمته لك أتعبت بدنك وعقلك وكنت عندي مذموماً ...
وعزتي وجلالي لأسلطنّ عليك الدنيا ، تركض فيها ركض الوحوش في الفلاة ،
ولا تصيب منها إلا ما كتبته لك )
وقال أنس بن مالك رضى الله عنه:
خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشرة سنين ، فما قال لي يوماً هلاّ فعلت كذا ، ولم يقل لي يوماً لم لم تفعل كذا ، وما قال لشيء حدث ليته ما حدث ، وما قال لشيء لم يحدث ، ليته حدث...ولقد كان بعض أهل النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاتـه يلومونني على شئ أفعله ،
فيقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم دعوه ، فلو قضاه الله لما كان أرح نفسك من الهم بعد التدبير ... فما قام به غيرك عنك ... لا تقم به أنت لنفسك .
فالمؤمن الحقيقي لا يفرح بدنيا تصيبه، ولا يحزن على فواتها ،
ولكنه يفرح بالطاعــة وتحزنه المعصية ..
(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )
يونس:58 ،)
كل ما فاتك من الله سوى الله يسير ... وكل حظ لك سوى الله حقير
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم
"إذا سرتك الطاعة ، وساءتك المعصية فأنت مؤمـن"
نسأل الله تبارك وتعالى أن نكون ممن تسرهم طاعتهم ... وتسوءهم معصيتهم .
وفى الحديث القدسي :
( ابن آدم ، تفرغ لعبادتي ، أملأ صدرك غنى وأسد فقرك ...
وإلا تفعل ، ملأت صدرك شغلاً ولم أسد فقرك )
وقد قال الله تعالى وهو يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم
( لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِـبَة لِلتَّقْوَى)
طه :132
وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)
هود:6
فالغد أمره بيد الله ، وليس للإنسان من أمره شيء
فإنه قد يأتي الغد وهذا الإنسان ليس من أهل الدنيا ،
فالموت قريب منا جميعاً ، ويجب أن نؤمن إيماناً راسخاً
بأن الله تبارك وتعالى لا يقضى إلا بالحق
(وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
غافر :20
فما يقضيه الله للإنسان هو الخير .
إن الله سبحانه وتعالى أعطى كل إنسان ما يكفيه ،
فقد قدر الله الأقوات من الأزل قبلخلق السماوات والأرض ،
ولكن الإنسان دوماً يطلب المزيد ، وهو لا يعرف ما يفعل به المزيد ،
فحين يختار الله الغنى أو الفقر لإنسان ما ،
فانه يختار له ما يصلحه ولكن الإنسان لا يعلم ذلك .
وقال الله تعالى في الحديث القدسي
( إن من استسلم لقضائي ، ورضي بحكمي ،
وصبر على بلائي بعثته يوم القيامة مع الصديقين )
ومن النماذج الرائعة يا إخواني في الرضا بقضاء الله
وقدره هو الصحابي الجليل عمران بن حصين
عمران بن حصين أحد الصحابة الذي أشترك في غزوات كثيرةفي عهد النبي صلى الله عليه وسلمجاءه شلل نصفي
فرقد على ظهره ثلاثون سنه لا يتحرك ، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلمحتى أنهم نقبوا له في السرير حتى يقضى حاجته ، فدخل عليه بعض الصاحبة ، فلمــا رأوه بكوا ، فنظر إليهم وقال : أنتم تبكون ، وأسعد بما أختاره الله، وأشهدكم أنى راضى .كنا إذا خـلونا نستحي أن نعصيه، ونرضى باليسير مما قســـم لنا ، فتقول الملائكة : يحق لكـم هذا .
إن الإيمان عبارة عن التصديق بالغيبيات، والرضا بالقضاء والقدر، فنحن لم نر الله،ومع ذلك نؤمن به ، ونصدق بوجوده ، وطالما رضينا بالله ربا ، فإنه له الحكم ولهالأمر ، وله التصريف وله التدبير ، فلا يمكن أن يصدر حكمه أو أمره أو قضاءه إلاعن حكمة ، وإن خفيت عنا . إن آمنا بالله حق الإيمان فلا شك أننا سنرضى بكل ما يأتينا من قبل الله تبارك وتعالى .
فيجب علينا أن نستسلم لقضاء الله سبحانه وتعالى وأن نرضى بحكمه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن العبد يجمع في بطن أمه نطفة أربعين يوماً ، ثم علقه أربعين يوماً ، ثم مضغة مثل ذلك ، ثم يأتي ملك الأرحام فيحملها على كفه فيقول :يارب ، مُخلقة أو غير مُخلقة؟ فإن كانت مُخلقة أمر بكتابة أربعة أمور : أجله ، و رزقه , وأثره ، و شقي أم سعيد "
فماذا نحن فاعلين وقد قدر الله تعالى كل شيء وكان له الأمر من قبل وبعد .
فماذا بقى للإنسان بعد هذه الأربعة ؟! لم يبق إلا النية الصالحة والعمل الصالح ، وذكرالله واللجوء إليه في كل وقت وحين . (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)
ومن النماذج الرائعة أيضاً في الرضا بقضاء الله -عروه بن الزبير- توفى ابنه وفاةصعبة فقد دهسته الخيول بأرجلها فمات ، وقطعت رجله في يوم واحد ، فأحتار الناسعلى تعزيته ، هل تعزيه على فقده لولده ، أم فقده لرجله ، فدخلوا عليه ، فنظر إليهموقال : اللهم لك الحمد ، أعطيتني أربع أعضاء ، أخذت واحدة وتركت ثلاثة ، فلك الحمد ، وكان لي سبعة أبناء، فأخذت واحد ، وأبقيت لي ست ، فلك الحمد ... لكالحمد على ما أعطيت ، ولك الحمد على ما أبقيت، أشهدكم أنى راض عن ربى . وقيل لبعض الحكماء : ما الغنى ؟؟ قال
قلة تمنيك … ورضاك بما يكفيك
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"طوبى لمن هدى الإسلام ، وكان رزقه كفافاً ورضي به "
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا
" ذاق طعم الأيمان من رضي بالله رباً ،
وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ورسولا "
قال أبن القيم " الرضا باب الله الأعظم ومستراح العابدين ، وجنة الدنيا ، من لم يدخلهفي الدنيا لم يتذوقه في الآخرة " نعم .. انه هو الرضا بقضاء الله العظيم .
إخوتي: فلنرض بقضاء الله وقدره ، وأي مصيبة تهون ما دامت في غير ديننا
ولنتذكر مصيبتنا في فقد النبي صلى الله عليه وسلم
مالي في الدنيا هوى إلا في مواقع قضاء الله عز وجل
ومن النماذج المثالية في الرضا السيدة - صفية عمة النبي –
سيدنا حمزة بن عبد المطلب في غزوة أحد مات موته شديدة وصعبه ، فقد جاءت هند بنت عتبة بعد موته، وشقت بطنه بالخنجر ، وأخذت كبده ومضغتها ، وجاء أبوسفيان وفتح فمه ، وجعل يدق بالحربة في فمه حتى تشوه وجهه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير بن العوام ، إياك أن ترى صفيه أخوها حمزة ، خذها وعد بها إلى المدينة ، فإني أخشى عليها الصدمة ، فراح الزبير ووقف أمام أمه صفيه وقال : يا أمي ، أمرنيرسول الله أن أعيدك إلى المدينة ، فقالت : يا بنى ، أتفعلون هذا لأن حمزة مُثل به ، يابنى ما حدث لحمزة في نعم الله قليل ، ولقد ابتلانا الله ليرانا أنرضى أم لا ، أنى راضيةيا بنى ، أخبر رسول الله بهذا ، فرجع الزبير وقال : يا رسول الله أمي راضية ، فقال رسول الله إذاً دعها ، فذهبت ونظرت على حمزة، وقالت : إن لله وإن إليه راجعون ، ووقفت تصلى عليه وهى تبكى .فليتك تحلو والحيـاة
مريرة *** وليتك ترضى والأنام غضابُ
وليت الذي بيني وبينك عامراً *** وبيني وبين العالمين خرابُوإذا صح منك الود فالكل هيناً *** وكل الذي فوق التراب تراب
الشيخ مسعد نجمامام جامع حاصبيالبنان