مقتطفات من الفوائـــــد لأبن القيم:
-1
( يا عجبا لك أيها الإنسان)
من
أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه ،
وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة ،
وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره
وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له
وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لاتطلب
الأنس بطاعته ،
وأن تذوق عصرة القلب عندالخوض في غير حديثه والحديث عنه ،
ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره
ومناجاته ،
وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره
ولاتهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه
والإنابة إليه ،
وأعجب من هذا علمك أنك لابد لك منه ،
وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض ، وفيما
يبعدك عنه راغب.
-2-
( في جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى
الله وحسن الخلق )
جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى الله
وحسن الخلق
لأن تقوى الله يصلح مابين العبد وبين ربه
وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه
فتقوى الله توجب له محبة الله ، وحسن
الخلق يدعو الناس إلى محبته.
-3-
( ومن يتوكل على الله فهو
حسبه)
من
اشتغل بالله عن نفسه ، كفاه الله مؤونة نفسه ،
ومن اشتغل بالله عن الناس ، كفاه الله
مؤونة الناس ،
ومن اشتغل بنفسهعن الله ، وكله الله إلى نفسه
ومن اشتغل بالناس عن الله ، وكله الله
إليهم .
-4-
قال يحيى بن معاذ : عجبت من ثلاث :
رجلٌ يرائي بعمله مخلوقاً مثله ويترك أن
يعمله لله
ورجلٌ يبخل بماله وربه يستقرضه منه فلا
يقرضه منه شيئاً ،
ورجلٌ يرغب في صحبة المخلوقين ومودتهم ، والله
يدعوه إلى صحبته ومودته.
( للعبد بين يدي ربه موقفان
للعبد بين يدي الله موقفان : موقفٌ بين يديه في
الصلاة ،
وموقفٌ بين يديه يوم لقائه . فمن قام بحق
الموقف الأول ،
هون عليه الموقف الآخر
ومن استهان بهذاالموقفولم يوفه حقه ، شُدد عليه ذلك الموقف
قال تعالى
وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ
لَيْلاً طَوِيلاً {26}
إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ
وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً {
-6
( من لطائف دعاء أيوب عليه السلام
قوله تعالى :
"
وَأَيُّوْب إِذ نَادَى رَبَّه أَنِّي مَسَّنِي الْضُّر وَأَنْت أَرْحَم
الْرَّاحِمِيْن
- الأنبياء83-
جمع في هذ ا لدعاء بين : حقيقة التوحيد ،
وإظهار الفقر والفاقة إلى ربه
ووجود طعم المحبة في التملق له
والإقرار له بصفة الرحمة ، وأنه أرحم
الراحمين ،
والتوسل إليه بصفاته سبحانه ، وشدة حاجته
هو وفقره.
ومتى وجد المبتلى هذا كُشفت
بلواه.
-7-
(مواطن القلب السته)
للقلب ستة مواطن يجول
فيها لا سابع لها: ثلاثة سافلة،
وثلاثة عالية؛
فالسافلة دنيا تتزين له، ونفس تحدثه
وعدوٌ يوسوس له؛
فهذه مواطن الأرواح السافلة التي لا تزال تجول
فيها.
والثلاثة العالية علم يتبين له، وعقل يرشده، وإله يعبده،
والقلوب جوالة في هذه المواطن.
والقلب يمرض كما يمرض البدن، وشفاؤه في التوبة
والحمية،
ويصدأ كما تصدأ المرآةوجلاؤه بالذكر ويعرى كما يعرى الجسم،
وزينته التقوى، ويجوع ويظمأ كما يجوع
البدن،
وطعامه وشرابه المعرفة، والتوكل،
والمحبة، والإنابة