( زكاة القلب ) ابن القيم رحمه الله تعالى
الزكاة في اللغة : هي النماء والزيادة في الصلاح وكمال الشيء يقال : زكا الشيء إذا نما .
قال الله تعالى( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )[ التوبه : 103 ]
فجمع بين الأمرين : الطهارة والزكاة لتلازمهما .
فإن نجاسة الفواحش والمعاصي في القلب بمنزلة الأخلاط
الرديئة في البدن وبمنزلة الرغل في الزرع وبمنزلة الخبث في الذهب والفضة
والنحاس والحديد فكما أن البدن إذا استفرغ من الأخلاط الرديئة تخلصت القوة
الطبيعية منها فاستراحت فعملت عملها بلا معوق ولا ممانع فنما البدن .
فكذلك القلب إذا تخلص من الذنوب بالتوبة فقد استفرغ
من تخليطه فتخلصت قوة القلب وإرادته للخير فاستراح من تلك الجواذب
الفاسدة والمواد الرديئة , زكا ونما وقوى واشتد وجلس على سرير ملكه ونفذ
حكمه في رعيته فسمعت له وأطاعت فلا سبيل له إلى زكاته إلا بعد طهارته كما
قال تعالى ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) [ النور : 30 ] فجعل الزكاة بعد غض البصر وحفظ الفرج.
(إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان)لأبن القيم ص 59 ج1 _دار التراث القاهرة .