فجملة : إن تنئهم عني في محل رفع خبر المبتدأ " الدار " ، وجملة تنئهم عني لا محل لها من الإعراب .
ومنه قول امريء القيس :
أغرّك مني أن حُبّكِ قاتلي وأنّك مهما تأمري القلب يفعلِ ؟
فجملة مهما تأمر القلب في محل رفع خبر " أنّ " ، وجملة تأمري القلب لا محل لها من الإعراب .
ولا يصح أن نعرب الجمل السابقة بأنها جمل ابتدائية ، لأنه لم يبتدأ بها الكلام لا لفظا ولا نية .
وإذا اعتبرنا الجملة التي نتحدث عنها جزءا من التركيب الشرطي ، والإعراب إنما يقدر للتركيب
كله ، أما الجزء المتمم وهو جواب الشرط فلا محل له من الإعراب لأن الشرط نزَّل جملتيه منزلة الجملة الواحدة ، فالمحل الإعرابي لذلك المجموع ، وكل منهما جزء لا محل له كما يذكر صاحب المغني (1) .
فالجواب على ذلك أن هذا يقتضي منك أن تجعل جواب الشرط الجازم لا محل له من الإعراب دائما ، وإن كان مقترنا بالفاء ، وذلك مخالف للقاعدة التي تقول تكون جملة جواب الشرط لا محل لها من الإعراب إذا لم تقترن بالفاء ، أو إذا الفجائية ، فإذا اقترنت بهما كان لها محل إعرابي .
وإذا قلنا أنها جملة ابتداء الشرط ، والجملة الابتدائية لا محل لها من الإعراب ، لزمن أن نجعل جملة جواب الشرط الظرفي كذلك ، لأنه في الابتداء حكما ، وإن تأخر في اللفظ كما في قول طرفة بن العبد :
متى تأتني أصبحك كأسا روية وإن كنت عنها ذا غنى فاغن وازدد
فالتقدير : أصبحك كاسا روية حين تأتيني ، لأنك ستعلق متى بالجواب ، وهذا اللزوم منقوض بالجواب المقترن بالفاء نحو قولنا : متى يسافر محمد فكن في وداعه .
وإذا اعبرنا الجملة المعنية بالحديث استئنافية ، كان الاعتراض لمخالفتها لشرطي الجملة المستأنفة ، الأول : لأنه لم يستأنف بها كلام جديد . والثاني : أن الكلام الذي لفظ به قبلها لمّا يتم ، حتى يجوز الاستئناف بعده .
أما في قوله تعالى : { وأيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى } 2 .
ـــــــــــــ
1 ـ المغني ص 475 نقلا عن إعراب الجمل وأشباه الجمل للدكتور فخر الدين قباوة ص 45 ، لأنني لم أجد الكلام الذي ذكره قباوة نقلا عن المغني في الصفحة المذكور ، أو في غيرها ، ولعلني لم استدل عليه .
1 ـ 110 الإسراء .
فأيّأ ما تدعوا جملة شرطية استئنافية ، وجملة تدعوا لا محل لها من الإعراب ، لأنها جملة الشرط غير الظرفي .
فـ " أيّ " الشرطية : أداة شرط غير ظرفية ، وإن أضيفت إلى ظرف سواء زماني أو مكاني ، وأعربت إعرابه نحو : أي ساعة تحضر أكن في انتظارك .
والعلة في ذلك أنّ " أيّ " في الأصل مغرقة في الإبهام تدل على العموم ، دون أن تحمل معنى مما تضاف إليه من الظرف ، وإنما تكتسب بالإضافة ، أو الوصف شيئا من التحديد ، وهي أيضا لا تضاف إلى الجمل ، ولو كانت ظرفية كغيرها من أدوات الشرط الظرفي لأظيفت إلى الجمل ، ولكن ذلك ممتنع .
تاسعا ـ الجملة المفسرة :
هي جملة فضلة زائدة تفسر ما يسبقها ، وتكشف عن حقيقته .
نحو : هو مؤدب أي أخلاقه نبيلة .
ومنه قول الشاعر :
ترمينني بالطرف أي أنت مذنب وتقلينني لكنَّ إياك لا أقلي
فجملة : أخلاقه نبيلة ، المكونة من المبتدأ والخبر ، لا محل لها من الإعراب مفسرة لما قبلها ، بعد حرف التفسير " أي " ، وهو حرف مبني على السكون ، لا محل له من الإعراب .
كما تأتي الجملة التفسيرية بعد حرف التفسير " أنْ " .
229 ـ نحو قوله تعالى : { فأوحينا إليه أن اصنع الفلك }1 .
وتأتي الجملة التفسيرية أحيانا مجردة من حرف التفسير ، ولكنها تفسر المقصود من السؤال .
نحو قوله تعالى : { هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله }2 .
فجملة : تؤمنون بالله ورسوله . جملة مفسرة للسؤال قبلها ، لا محل لها من الإعراب .
ـــــــــــ
1 ـ 27 المؤمنون . 2 ـ 10 الصف .
وقد تأتي جملة الاستفهام نفسها مفسرة لما قبلها .
230 ـ نحو قوله تعالى : { وأسروا النجوى الذين : هل هذا إلا بشر }1 .
فجملة : هل هذا إلا بشر . جملة مفسره " للنجوى " . لا محل لها من الإعراب .
عاشرا ـ الجملة الواقعة جوابا للقسم :
نحو : والله لأقولنَّ الحق .
231 ـ ومنه قوله تعالى : { وتالله لأكيدن أصنامكم }2 .
وقوله تعالى : { يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين }3 .
فكل جملة من الجمل التالية وهي " لأقولن الحق " ، و" لأكيدن أصنامكم " ، و" إنك لمن المرسلين " لا محل لها من الإعراب لمجيئها جوابا للقسم .
حادي عشر : الجملة المؤكدة لجملة لا محل لها من الإعراب .
نحو : سافر محمد سافر محمد .
ومنه قوله تعالى : { فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا } 4 .
ثاني عشر : جملة الشرط إذا حذف جوابها ، وتقدمها ما يدل عليه .
نحو : أنت بطل إن صرعت فلان .
والتقدير : إن صرعت فلان فأنت بطل .
أو تقدمها ما يطلب ما يدل على جوابها وهو " القسم " .
نحو : والله إن حضرت حفلنا ليحضرن كل المدعوين .
فالقسم يطلب ليحضرن ، والفعل " يحضرن " دليل على جواب الشرط .
والتقدير : إن حضرت حفلنا يحضر كل المدعوين .
ــــــــــــــ
1 ـ 3 الأنبياء . 2 ـ 57 الأنبياء .
3 ـ 1 ، 2 ، 3 ، يس . 4 ـ 6 الشرح .
حادي عشر ـ الجملة التابعة لجملة لا محل لها من الإعراب :
نحو : جاء التلاميذ ولم يجئ المعلم .
فجملة : لم يجئ المعلم . معطوفة على جملة : جاء التلاميذ . وهي جملة لا محل لها من الإعراب ابتدائية ، وعيه فجملة " لم يجئ المعلم " لا محل لها من الإعراب .
105 ـ ومنه قول لبيد :
وهم السعاة إذا العشيرة أفظِعت وهُمُ فوارسها وهم حكامها
الشاهد : " وهم فوارسها " جملة مكونة من المبتدأ والخبر ، ولا محل لها من الإعراب ، لأنها معطوفة على جملة : " هم السعاة " الابتدائية .